التدرن يهدد أطفال كوكب الأرض يتوفى حوالي 70.000 طفل في العالم سنوياً بسبب التدرن أو السل، على أن التأثير غير المباشر لهذا المرض على الأطفال أفدح مما يمثله هذا العدد من الوفيات سنوياً، وذلك فضلاً عن تهديد الوباء لملايين الأطفال الآخرين الذين يصاب آباؤهم وأجدادهم به.
ويشير الدكتور مروان عبدالرحمن باكرمان – استشاري طب الأسرة والمجتمع – إلى أن الآباء غالباً مايورثون أطفالهم هذا الداء إذ إن العدوى التي تصيب الأطفال إنما تكون قد انتقلت إليهم عن طريق آبائهم وأجدادهم أو جيرانهم المصابين بهذا المرض. ويتميز صغار الأطفال وبخاصة من تقل أعمارهم عن العامين من دون سائر المجموعات العمرية الأخرى بأنهم أكثر استعداداً للإصابة بأشد أشكال التدرن فتكاً، وفي حين ينتشر التدرن الرئوي بين معظم الرضع المصابين بالتدرن فإن احتمالات إصابتهم بالتدرن التدخني أو التدرن السحائي أكبر منها بين البالغين.
ويحدث التدرن التدخني عندما تنتقل الجراثيم في مجرى الدم وتصل إلى أعضاء رئيسة في الجسم، أما التدرن السحائي فيحدث عندما يهاجم التدرن الدماغ والنخاع الشوكي، وغالباً ما تفضي هذه الحالات والمضاعفات المؤلمة إلى الوفاة إذا لم تعالج معالجة صحية.
كما أن كثيراً من الأطفال الذين ينجون من الموت بعد إصابتهم بالتدرن السحائي يصابون بتلف وخيم بالدماغ، ومن حسن الحظ أنه يوجد لقاح يمكن أن يساعد على وقاية الأطفال من التدرن يعرف باسم (البي سي جي) وهو فعال في معالجة الرضع بنسبة تتراوح بين 50 إلى 80%، إلا أنه غير قادر على وقاية البالغين من أنواع التدرن الشديدة العدوى.
ولذا ففي حين يمكن أن يساعد (البي سي جي) على مكافحة أشكال التدرن الخطيرة التي تهدد الأطفال بالدرجة الأولى فإنه لا يعول عليه لتحقيق الحماية بعد المراهقة.
وقد حققت برامج حماية بقاء الأطفال التي تستخدم فيها لقاحات مثل (البي سي جي) نتائج تعد من أهم نجاحات الصحة العمومية في العقد الماضي، إلا أن كثيراً من الصحيين يعتقدون أن بالإمكان فعل المزيد في هذا المجال، إذ أحدث اكتشاف مضاد حيوي مهم ضد ميكروب السل وهو (ستربتومايسين) ضجة عالمية لكن ظهرت مؤشرات عكسية للمضاد بعد عدة سنوات تتمثل في تأثيره العكسي على عصب السمع.
ومع عودة ظهور المرض مرة أخرى في العالم فإن القطاعات الصحية تتبع استراتيجية لمكافحة هذا الوباء إلا أن التغذية الصحية والتوعية أمران مطلوبان لمواجهة هذا الداء، كما أن هذه الاستراتيجية تعود على الأطفال بفائدة مزدوجة غير مباشرة، إذ تجمع بين تحسين معدلات بقاء الأطفال -بإذن الله تعالى- عن طريق توفير جو عائلي صحي لهم وبين حماية صحتهم إبان مرحلة البلوغ.