تؤكد الدراسات كلها دون استثناء ، أن الرياضة تساعد على خسارة الوزن وترفع المعنويات . وقد ثبت أن لرياضة رفع الأثقال أثر أكثر فائدة على المظهر الخارجي من رياضة التمارين السويدية ، إذ تظهر نتائجها بسرعة أكبر ويمكن قياسها بسهولة : ففي غضون أسابيع قليلة يتوصل المرء إلى رفع ضعفي أو ثلاث أضعاف الوزن الذي كان يستطيع رفعه في البداية . أما القوة الجسدية التي تمنحها زيادة القدرة على رفع الأوزان ، فتؤدي إلى قوة معنوية داخلية تساعد بدورها على تقبّل الذات . وبعدئذ تصبح عملية خسارة الوزن مسألة وقت .
نتساءل أحياناً لماذا تتذمّر نساء كثيرات من مظهرهنّ ؟ ولماذا تعتقد النساء العربيات على اختلاف أعمارهن بأنهن يعانين من السمنة ؟ لماذا تدّعي 75 % من المراهقات بأنهن يتّبعن حمية غذائية ؟ إني ألاحظ عدد النساء اللواتي يتهافتن على عيادتي ويشتكين من مظهرهن ، مما يدفعني إلى التساؤل عمّا يتسبب لهن بهذا الإحساس …
وضعت عبارة ” صورة المظهر الخارجي ” للتعبير عن إحساس عميق بالرضى أو عدم الرضى عن الشكل الخارجي . يعكس ” المظهر الخارجي ” برأي معظم الناس واقع الشخص وحقيقته ، سواء خسرنا بعض الكيلوغرامات أو مارسنا التربية البدنية أو نميّنا عضلاتنا كما يجب ، نحن نعرف عامة أن صورة المظهر الخارجي تعكس بدقة تكويننا الجسدي .
إلا أن لدى بعض الأشخاص رأي سيئ بمظهرهم الخارجي . وتشكل النساء الجزء الأكبر من هؤلاء . صحيح أن البعض يميل إلى الخلط بين عدم الرضى عن المظهر الخارجي والانوريكسيا( الحمية الغذائية العشوائية ) أو الشره ( تناول كميات كبيرة من الطعام ثم أخذ دواء مسهّل )، غير أن الأبحاث أثبتت الآن أنه حتى النساء ” الطبيعيات ” تعانين من مشاكل عدم الرضى عن مظهرهن الخارجي . بكلام آخر ، تبدو أجسامهنّ متناسقة عندما ينظرن بموضوعية في المرآة ،لكنهن يجدن أنفاسهن قبيحات الهيئة وبدينات .
إذاً ما تفسير هذه الظاهرة ؟ يكفي أن نسمع 15 % من النساء و 11 % من الرجال يؤكدون بأنهم على استعداد للتخلّي عن خمس سنوات من حياتهن على الأقل ، لقاء التوصل إلى الوزن الذي يرغبون به ، حتى نفهم درجة اهتمام الناس في لبنان ، والشرق الأوسط عامة ، بشكلهم الخارجي . وأحد الاكتشافات المؤسفة في إطار هذه الدراسة ، هو أن الإحساس بعدم الرضى عن المظهر يزداد مع التقدم في السن . دلالة على ذلك ، تعبّر 62 % من الشابات العربيات ، اللواتي تتراوح أعمارهن ما بين 13 و 19 سنة ، عن عدم الرضى عن وزنهنّ ، في حين أن 67 % من النساء اللواتي تعدّين سن الثلاثين يرغبن بخسارة الوزن . تلجأ بعض النساء إلى وسائل مؤذية جداً وخطرة على الصحة ، منها التقيؤ المتعمّد ، وتناول الأدوية المسهّلة والإدمان على التدخين . وقد أكد نصف عدد النساء اللواتي أجريت عليهن هذه الدراسة ، أنهنّ يدخّن للحفاظ على و زنهن.
فهل يمكن للرغبة بالنحافة أن تبلغ حدّ تعريض النفس لأمراض الرئة والقلب ؟ دفع عدم الرضى عن المظهر الخارجي بعض النساء والفتيات إلى أن يفعلن المستحيل لبلوغ بعض النساء والفتيات إلى أن يفعلن المستحيل لبلوغ النحافة المثالية . فاهم رغبة لدى الفتيات اللواتي تتراوح أعمارهن ، ما بين 13 و 17 سنة هي أن تكنّ أكثر نحافة ، حتى أننا نجد فتيات صغيرات في الخامسة من عمرهن يعبّرن عن خوفهن من السمنة . إضافة إلى أن 80 % من الفتيات في العاشرة من عمرهنّ يكنّ قد قمن بحمية غذائية منحّفة ، و 50 % من العربيات اتّبعن في وقت من الأوقات حمية غذائية منحّفة .
يعتقد بعض الباحثين بقناعة أن المعلنين يعممّون صورة الأجسام النحيفة كفكرة طبيعية ، بهدف توليد رغبة جامحة يمكن أن تدفع بالناس إلى استهلاك أنواع معينة من السلع . ذلك ما يسعى إليه سوق الإعلانات . فمن خلال ابتكار صور كاملة بشكل يفوق الوصف وبعيدة كل البعد عن صورة الأجسام العادية الحقيقية ، تضمن وسائل الإعلام سوقاً يتألف من مستهلكين يتنقلون على الدوام من كبت إلى كبت ومن خيبة أمل إلى خيبة أمل . يكفي أن نفكر للحظة بالمردود الذي تحققه صناعة المنتجات المخصّصة للحمية ، حتى نفهم نجاح خطط المعلنين التسويقية . وإذا أردنا أن نحطٌم دائرة التدمير الذاتي المفرغة هذه ، فعلينا أن نعي أنه حتى لو كانت نظرة الآخرين إلينا قد حكمت تفكيرنا وبرمجت أفكارنا منذ الطفولة ، ينبغي علينا أن ندرك أننا أصبحنا الآن ناضجين وأننا السبب في معاناتنا . فما الذي نستطيع أن نفعله لنتغيّر ونؤمن بأننا نستحق الصحة والسعادة وبالتالي نستحق أن نتمتع بالمظهر الذي نريده ؟
حّددوا الأفكار السلبية عن أجسامكم وبدّلوها .
قبل أن تتمكّنوا من تغيير طريقة تفكيركم ، عليكم أن تبدأوا بتحديد الأفكار السلبية المتخفية بصورة النقد الذاتي . استبدلوها بأفكار إيجابية . وعندما تصبحون أكثر قوة بفضل الأفكار الإيجابية تتمكنون من تتقبلوا أنفسكم كما أنتم . وعندما تتقبّلون أنفسكم كما أنتم ، يتحقق التغيير بلطف وبشكل طبيعي .