تشكّل مشاكل المعدة والأمعاء ثاني سبب للتنويم في المستشفيات (حالات الولادة هي السبب الأول). ومن بين كل عشرة أشخاص يزورون الأطباء أربعة يشتكون من مشاكل تتعلق بالهضم مثل المغص، الإمساك، الإسهال، الغازات، الهزال الخ. وهذه المنغصات منتشرة بين الناس بشكل كبير مسببة الآلام والمعاناة والاستنزاف المادي لارتفاع تكاليف زيارات الأطباء وأسعار الأدوية.
وكتاب: الخروج من الحلقة المفرغة: صحة الأمعاء من خلال الغذاء Breaking the Vicious cycle: Intestinal Health Through Diet الذي كتبته المتخصصة بالكيمياء الحيوية وكيمياء الخلية إلين غوتسكال Elaine Gottschall يتعامل مع مشاكل المعدة والأمعاء بطريقة عمليّة تناسب المواطن العادي كما تناسب المتخصص بهذا المجال. وخلال ثلاثين عاماً من الخبرة القائمة على البحوث المكثفة التي يقوم عليها عملها والتجربة الشخصيّة حيث أصيبت ابنتها بتقرّح القولون المزمن تؤكد الدكتورة إلين أن التغذية الصحيحة تعتبر بديلا للجراحة واستعمال الأدوية، فالكثير من مشاكل الأمعاء يمكن منع حدوثها أو الشفاء منها أو على الأقل تسكينها بواسطة تناول الغذاء المناسب.
والجزء الأول من الكتاب يوضّح كيف تؤثر الكربوهيدرات (النشويات والسكريات) على الجسم وكيف يؤثر الغذاء حتى على السلوك وعلى النمو. فمن بين جميع العناصر تبرز الكربوهيدرات كالمؤثر الأكبر على ميكروبات الأمعاء (الخمائر والبكتريا) التي يعتقد انها وراء مشاكل الأمعاء لأن معظم ميكروبات الأمعاء تتغذّى على الكربوهيدرات. ونظام الكربوهيدرات المحددة الذي ينصح به الكتاب يقلل بشكل كبير من تناول الكربوهيدرات التي تعيش وتتكاثر عليها ميكروبات الأمعاء. وعندما تتكاثر الميكروبات في الأمعاء الدقيقة تقوم بالقضاء على الإنظيمات (الإنزيمات) في خلايا جدران الأمعاء مما يمنع من هضم وامتصاص الكربوهيدرات. وعندما تترسب الكربوهيدرات في الأمعاء تشكّل بيئة ممتازة وطعاماً مناسباً لنمو الميكروبات وتكاثرها مما يؤدي إلى تزايد الأحماض والسموم التي تسبب التهاب الأمعاء. وهذه هي الحلقة المفرغة المعنيّة في عنوان الكتاب. ومن نتائج هذه المشكلة تزايد المخاط في الأمعاء كمحاولة من الجسم لترطيب سطح الأمعاء الملتهبة (بوجود الأحماض والسموم والطعام غير المهضوم).
وللخروج من هذه الحلقة المفرغة يدعو الكتاب إلى نظام غذائي يقوم على مبدأ اختيار أنواع معيّنة من الكربوهيدرات لا تتطلب إلا القليل من الهضم وسهلة الامتصاص مما لا يترك شيئاً منها لتتغذى وتتكاثر عليه ميكروبات الأمعاء. وعندما تتناقص أعداد الميكروبات بسبب عدم توفر الغذاء لها تتحسن حالة جدران الأمعاء ويخف التهابها ولا تعود بحاجة لإفراز المخاط. وهذا بالتالي يؤدي إلى تحسن هضم وامتصاص الطعام بشكل عام مما يجعل المزيد من العناصر المغذية تدخل مجرى الدم وتصل إلى الخلايا في جميع أجزاء الجسم، وهذا يقوي جهاز المناعة ويصحح المشاكل الصحيّة. ويذكر الكتاب أن هذا النظام الغذائي القائم على منع تناول الحبوب ومنتجات الألبان والسكروز، وعلى اختيار أنواع معيّنة من الكربوهيدرات يعالج أمراض مثل سيلياك (عدم تقبّل القمح) ويعالج التوحّد وغيره من المشاكل المرتبطة بالمخ.