يتميز العسل بكثير من الفوائد الصحية , التي تجعل منه شفاء للكثير من الأمراض . ويقول فيه التنزيل العزيز مصداقا لذلك في سورة النحل ” يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس ” .
ويعتبر العسل أقدم ما استخدمه البشر في تضميد الجروح ويعود تاريخ استخدامه إلى ما يقارب من 4000 عام , وذلك حين اكتشف الإنسان أهميته العلاجية الكبيرة , فهو يمتاز بكونه واسع الانتشار في معظم المجتمعات البشرية إن لم يكن فيها كلها . وتذهب بعض الدراسات إلى أنه على الرغم من أن الغموض ما زال يكتنف الخصائص التركيبية للعسل , وطرق تأثيره العلاجية.
إلا أنها ترى أن الوقت قد حان ليأخذ الطب الحديث بعين الاعتبار هذا النوع من العلاج الشعبي . خصوصاً في ظل الاهتمام بالطب البديل , وظهور سلالات جديدة من البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية المستخدمة في العلاج الطبي , وهو ما يجعل العسل علاجاً بديلاً ناجعاً .
ويعتقد الخبراء أن للعسل خصائص مميزة , تجعله يلعب دوراً بارزاً في مداواة وعلاج الجروح , منها أنه سهل الاستخدام في تضميد الجروح , بسبب خاصيته السائلة , ولكونه لا يسبب الالتصاقات , التي تؤدي لتلف النسيج الحبيبي , فينمو النسيج ويشفى الجرح بدون ندبات , فضلاً عن كونه يحرم الكائنات الدقيقة من الماء اللازم لنموها , بما يحتويه من نسب عالية من السكريات .
وحسب المعطيات التي استخلصت من عدد من الأبحاث فإن العسل يحفز نمو الأنسجة , بما يضمه من أحماض أمينية وفيتامين (ج) , وبخاصيته الحمضية التي يمتاز بها , إضافة إلى كونه يحتوي على نسبة ضئيلة من البروتينات , وذلك يحرم البكتيريا من مادة النيتروجين الضرورية لنموها . كما أنه يمتاز باحتوائه على مادتي ( الهيدروجين بيروكسيد – الماء الأكسجيني ) ومضادات الأكسدة , اللذين يثبطان من نمو البكتيريا .
ويعتقد أن خاصية العسل المحبة للماء , تمنحه القدرة على امتصاص بخار الماء من الوسط المحيط بالجرح , مما يحفز التئام الجرح بدون ندبات يخلفها .
الاستخدامات العلاجية :
وبالنسبة للاستخدامات العلاجية المتنوعة للعسل فإنه مضاد للبكتيريا ومطهر للجروح , وكان مجلس الاستطباب الأسترالي أقر في السنوات الأخيرة العسل كعلاج طبي مرخص به , وبادرت شركات الأدوية الأسترالية إلى إنتاجه كمضادات للجروح .
وجاءت هذه الخطوات بعد أن دلت الملاحظات السريرية , والدراسات المخبرية , على أن للعسل دوراً فعالاً في مكافحة البكتيريا ومقاومة الالتهابات . فهو يمتاز بقدرته على إزالة القيح والأنسجة الميتة دون ألم يذكر , وقد أثبتت إحدى الدراسات العشوائية فاعلية العسل في التحكم بالتهابات الحروق بشكل يفوق النتائج المسجلة باستخدام Silver Sulphadiazike الواسع الانتشار , والمستخدم في مثل هذه الحالات في معظم المستشفيات .
وتشير الأبحاث العلمية إلى أن العسل أظهر فاعلية واضحة في القضاء الكامل على البكتيريا العنقودية الذهبية Staph aures , وما يقرب من 20 سلالة من البكتيريا الزائفة Pseudomom وسلالات MRSA المسببة للالتهابات الحرجة للجروح , والعديد من الأنواع الأخرى , التي لم تظهر استجابة للعلاجات المعروفة طبياً .
وأثبتت الدراسات التي أجريت على الأنسجة في جروح الحيوانات المخبرية أن للعسل القدرة على التقليل من الوذمات والإفرازات النضحية للجروح, مما يساهم في تحسين الدورة الدموية الخاصة بها , ويقلل من الألم . وهو أيضاً محفز لنمو الأنسجة , وهذا التأثير ينتج عن قدرة العسل على تكوين وتحفيز الأنسجة الحبيبية السليمة والتظهرن epithalization , مما يساعد الجلد على اكتساب ليونته الطبيعية , دون الحاجة للتدخل الجراحي المتمثل في الجراحات التجميلية , فضلاً عن كونه يعطي الجلد التغذية اللازمة للالتئام السريع , يخلصه من الأنسجة الميتة .
ضمادات طبية :
وترى الدراسات أهميته كمضادات طبية في جروح العمليات الجراحية , فإذا استخدم العسل في مثل هذه الأنواع من الجروح , فإنه يحمي المريض من الإصابة بالالتهابات الناتجة عن بقائه في المستشفى , والتي تتسبب بها عادة البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية . كما أنه أظهر فاعلية واضحة في تطهير وتنظيف الجروح القيحية والجروح المصابة بسلالات MRSA المتعددة .
أما بالنسبة للحروق فقد أظهر نتائج فعالة تفوق ما نتج عن الاستخدام الطبي لمواد Opsite silver sulphadiazine وخصوصاً في الحروق متوسط الدرجة . فالعسل يحفز التئام المنطقة المحترقة , دون أن يتسبب بتهيج الأنسجة, ويقلل من فرصة ظهور الندوب المتضخمة hypertropic star , كما أنه يمنع نمو المستعمرات البكتيرية على المنطقة المصابة .
وساهم العلاج بالعسل أيضاً في اختفاء الروائح الكريهة , التي كانت مصاحبة دوماً للعلاجات الأخرى للحروق .
ويستخدم العسل كضمادات ملطفة للعناية بالأورام الكمئية الخبيثة , وهو يستخدم أيضاً في التقليل من فرصة غرس الخلايا السرطانية في الجلد , بعد إزالة الأورام .
شروط الاستخدام :
واستدل الخبراء أنه على الرغم من ثبوت فاعليته في علاج البالغين والأطفال , ممن تجاوزوا السنتين من العمر , إلا أن هناك بعض الإحترازات الهامة , التي يجب إتباعها عند استخدامه علاجياً , فقد أظهرت بعض الأشخاص عوارض ناتجة عن حساسيتهم تجاه بعض المركبات البروتينية الموجودة في العسل . وهذا يدفع الأطباء إلى التنبيه على ضرورة المراجعة الطبية للأشخاص , اللذين يعانون من حساسية تجاه لسعات النحل , وفي حالات الحمل أيضاً .
وينصح المرضى الذين أظهروا إحساسات مشابهة للسعات النحل , والتي استمرت لما يزيد على 15 دقيقة بعد استخدام العسل كمضادة للجرح , أن يتوقفوا عن استخدامه , لأن هذه الأعراض قد تدل على حساسية تجاه العسل .
فوائد كثيرة :
وفي العموم فإن فوائد العسل تبدو من خلال استخدامه لحماية الجروح من الالتهابات , ولكونه يوفر بيئة رطبة ملائمة لإلتئام الجرح , لا تسمح للبكتيريا بالنمو , وفي حالة إصابة الجرح , فالعسل قادر على تطهيره من الالتهابات , بما فيها ما تسببه البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية .
والعسل يساعد في التقليل من التدخلات الجراحية لتنظيف الجروح وإزالة الأنسجة الميتة, ويحفز الدورة اللمفاوية , بسبب تأثيره الإسموزي, مما يساهم في تنظيف قاعدة الجرح , كما يساعد في إلتئام الجرح دون ندوب وبقايا متضخمة من الجلد .
وبسبب سهولة إضافة وإزالة الجروح, فإن العسل يجعل تغيير الضمادات غير مؤلم للمرضى. وهو يستعمل أيضاً كمضادة للالتهابات تقلل من وذمة الأنسجة , مما يساعد على تحسين الدورة الدموية , ويقلل من الألم أيضاً .
ويرى العلماء أنه إضافة للمزايا الطبية الناتجة عن استخدام العسل كمضادات للجروح , فهو يتمتع بمزايا إقتصادية منها أنه يقلل من التكلفة العامة لتغيير الضمادات , ويقلل من فترة البقاء في المستشفى , ويقلل تنظيفه للجروح من الحاجة للتدخلات الجراحية, وما يترتب عن ذلك من تكلفة إقتصادية.