يبدو أن التنافس الياباني- الصيني لم يقتصر فقط على المجالات الاقتصادية وإنما دخل عالم الطب البديل , كواحد من المجالات التي تحاول كل دولة منهما احتلال مركز الريادة فيه, وإذا كان العلاج بالإبر الصينية قد أصبح من أساليب العلاج المعروفة , فإن طريقة ” الشياتسو ” اليابانية بدأت هي الأخرى تنزل إلى الساحة الطبية , معلنة عن وجودها , وأنها تقي المريض آلام الوخز بالإبر .
وتعتمد طريقة الشياتسو اليابانية على الضغط على أماكن أو نقاط محدودة بالجسم لإحداث تأثير فسيولوجي معين يهدف إلى تخفيف ألم , أو تنشيط عضو من أعضاء الجسم, خصوصاً أن لكل عضو نقطة تحدث فيه التهدئة , أو القوة, وهذه النقاط ممثلة على سطح الجلد في مسارات طاقة محددة بخريطة واضحة, وقد أمكن تحديد هذه المسارات بالقياس الكهربائي للمقاومة الكهربائية على سطح الجلد, فالأماكن التي لديها مقاومة عالية للتيار الكهربائي المسار على سطح الجلد تعني أن بها تياراً ضعيفاً لا يمثل مسارا كهربائياً , أما المناطق التي توجد لديها مقاومة ضئيلة فهي تمثل مسار طاقة لعضو من أعضاء الجسم وهذه المسارات التي يتم التعامل معها موضحة في كتاب الإمبراطورية الصينية الطبية , الذي تم العثور عليه منذ 2500 سنة, مع أن أصل هذه الطريقة يعود إلى التاريخ المصري الفرعوني, فالمصريون القدماء هم أول من اكتشف ما يسمى بالأوعية الكهربائية ومثبت ذلك في بردية ” إيبرس ” الموجودة في المتحف البريطاني في لندن .
إثارة كهربائية :
والضغط على النقاط المحدودة لكل عضو بالجسم يحدث إثارة كهربائية تزيد من كفاءة العضو , أو تقلل من كفاءته ” نظرية التنظيم الكهربائي ” . وإذا اعتبرنا عضو الجسم بمثابة الجهاز الكهربائي الذي يلزمه طاقة , ليعمل بكفاءة عالية , فإن هذه الطاقة هي الكهربائية التي تمر خلال تلك المسارات, وإذا استطعنا التحكم فيها بالزيادة أو النقصان فهذا يعني أننا نستطيع التحكم في عمل هذه الأعضاء , لإحداث تأثير فسيولوجي محدد لتحسين حالة العضو .
ويشير الدكتور عاطف هيكل, استشاري العلاج الطبيعي , والإبر الصينية , والليزر, إلى أنه في الشهور الأولى من الحمل تشعر الحامل بالرغبة في القيء , أو الغثيان, وقد تؤدي هذه الحالة إلى مشكلات كثيرة لامتناع الحامل عن تناول الطعام بالشكل المطلوب, مما يشكل ضرراً على صحة الجنين في الأيام الأولى , وهي فترة مهمة وينصح هنا بابتعاد الحامل عن تناول الأدوية لما لها من خطورة على صحة الجنين , ويمكن علاج هذه الحالة بالطريقة اليابانية , بالضغط على نقطتين أعلى الرسغ بأي من الذراعين أو الضغط على النتوء العظمي الداخلي للقدم لمسافة4 أصابع من يد الشخص نفسه , ويكون الضغط 10 مرات تستغرق المرة 30 ثانية , وتقوم بهذه المهمة الحامل نفسها, وفقا لتوجيهات الطبيب المعالج , ويمكن استخدام هذه الطريقة أيضاً بالنسبة للأشخاص الآخرين رجالاً ونساءً , عند الشعور بالرغبة في القيء, ويستحسن في حالة الحامل عدم استخدام الإبر الصينية , تجنباً لحدوث مضاعفات قد تصل إلى الإجهاض .
انتفاخات البطن :
وعند الشعور باضطرابات في القولون وانتفاخات بالبطن , وشعور بالضيق, أو الغازات, وعدم الارتياح وزيادة إفراز العرق يقوم المريض بالضغط على جانبي ” السرة ” لمسافة إصبعين على كل جهة على أن يتم ضغط النقطتين معاً على 10 فترات, تستغرق الواحدة (30 ) ثانية , وهنا سيشعر المريض بارتياح شديد, ويتخلص من الغازات, وتستخدم في هذه الحالة الإبر الصينية أيضاً , وبفاعلية كبيرة, ولكن في أماكن أخرى في الجسم, مثل الساق, والأذن, والظهر .
وعند الإحساس بالإمساك يضغط المريض على نقطة أعلى الرسغ من الناحية الخلفية للذراعين , لمسافة إصبعين ونصف أصبع من الكف, ويتم الضغط على منتصف الذراع في الاتجاه لأعلى لمدة دقيقتين, كما تعالج الأبر الصينية هذه الحالة , والمعروف أن حالات الإمساك تحدث نتيجة عدم الانتظام في تناول الغذاء , والنوم, والإثارة, والضغط العصبي نتيجة اضطرابات في التوزيع الداخلي للطاقة, في التجاويف الثلاثية ” الصدر والبطن والحوض ” التي يوجد بها جميع أعضاء الجسم, وتوضع الإبر في الذراعين والرأس والبطن والقدم وتصل نسبة النجاح في العلاج بها إلى 90% .
علاج السكري :
أما مرض السكر فلا يفيد معه العلاج بطريقة ” الشياتسو ” اليابانية , بل الإبر الصينية, حيث يتحقق التوازن النسبي لعنصريي الطاقة ” السالب والموجب ” لأعضاء الجسم المختلفة خصوصاً الكبد, والرئتين, والكليتين, والبنكرياس , وذلك لتقوية خلايا ” لانجرهانز ” بالبنكرياس , التي لم تمت بعد, ولكنها في حالة إجهاد, وإذا تمت تقويتها يمكن إعادتها إلى العمل مرة أخرى , وإفراز مادة الأنسولين اللازمة لنقل جزيئات السكر من الدم إلى الخلايا وهنا تعمل الإبر الصينية على تقوية خلايا البنكرياس , وتنشيطها لإفراز الأنسولين , وتنشيط الرئة للحصول على طاقة عالية من الجو ” الأكسجين ” وتقوية المعدة للحصول على الطاقة اللازمة من الأرض ” الغذاء والماء ” وتقوية الكبد, والكلى للتخلص من المواد المتركزة بهما لكي يعملا بنشاط أعلى .
وأثبتت التجارب أن نسبة نجاح العلاج بهذه الطريقة الطبية تصل إلى 90% في حالة مرض السكر الإجهادي بعد سن 35 أو سكر الحمل مع عدم وجود عيوب خلقية في البنكرياس , كما في حالة الأطفال المصابين بالسكر, وكلما كان العلاج أسرع كانت النتيجة أفضل , ويحتاج مريض السكر إلى 20 جلسة متتالية بصفة يومية بعدها يأخذ راحة من العلاج لمدة أسبوع ثم يخضع للملاحظة لمدة شهرين بعمل جلسة أسبوعية بهدف المحافظة على نتيجة العلاج ويتم تحليل السكر بعد كل 5 جلسات , وسحب الأدوية الخاصة بعلاج السكر خلال هذه الفترة ليعود المريض إلى طبيعته ويلاحظ هنا أنه يمكن أن يرتد المرض فقط في حالة الإجهاد الشديد أو الانفعال .
آلام الظهر :
كذلك يتم علاج آلام الظهر المزمنة , أو الحادة, بالطريقة اليابانية ” الشياتسو ” بالضغط على بعض النقاط في الآلام الحادة المفاجئة, ويكون الضغط على الركبة من الخلف, وهي منطقة مؤلمة للغاية في حالة آلام الظهر, كما يتم الضغط على النتوء العظمي الخارجي للقدم على عشر مرات تستغرق المرة الواحدة 30 ثانية , وفي حالة الانزلاق الغضروفي ينصح بالعلاج بالإبر الصينية, مع العلاج الطبيعي ومن المعروف أن 90% من حالات الانزلاق الغضروفي يتم علاجها بدون جراحة .
كما يتم علاج شلل العصب السابع بالوجه بواسطة الوخز بالإبر الصينية لاستعادة الوجه لحالة الاتزان السابقة للإصابة , حيث يوجد اتزان بين عضلات ناحيتي الوجه, وفي حالة المرض فإن عضلات الجهة المصابة تكون ضعيفة ويتم شدها باتجاه الناحية الأخرى السليمة, فيحدث اعوجاج بالفم, ودور الإبر هنا هو استرجاع الطاقة اللازمة لتشغيل العضلات الضعيفة للوصول إلى حالة الاتزان مع تنبيه العضلات كهربائيا لتحتفظ بحيويتها, ويتم الشفاء من هذه الحالة خلال أسبوعين من بدء العلاج .
ومن المعروف أن فلسفة العلاج بالأبر الصينية تعتمد على إحداث توازن في الطاقة على مستوى الخلية في جميع أنحاء الجسم, بين عنصري الطاقة الكهربائية ” السالب والموجب ” وهذا معناه الوصول إلى الصحة .
هناك طريقة أخرى للعلاج تسمى ” الحجامة ” وتعتمد على نظرية التفريغ لأن هناك مشكلة صحية تؤدي إلى زيادة الضغوط في الطاقة الداخلية بالجسم , وعند إحداث ثقب بالجلد فإن هذا يعني أن الجسم يتخلص من بعض الطاقة الزائدة نتيجة تلك الضغوط سواء كانت نفسية , أو عضوية ويتم اختيار مكان الثقب حسب العضو المصاب وفقا لخريطة مسارات الطاقة.