تعتبر آسيا منشأ الثوم ومنها كان ينقل إلى أوروبا ، واعتبروا الأوروربيون دواءً واعتقدوا أن يمدهم بمناعة من الطاعون ويحميهم من مصاصي الدماء ويحفظهم من الشياطين أيضاً ، وهناك قصة تروى عن الطاعون الذي اجتاح مدينة مرسيليا سنة 1776 م وفتك بعشرات الآلاف من أهلها ، إذ قيل أن أربعة من اللصوص قبض عليهم وهم ينبهون أسواق المدينة المنكوبة دونما خوف من الإصابة بالطاعون وحكم عليهم بالإعدام مع وعد بإعفائهم من العقوبة إذ ما كشفوا عن السر الذي جعلهم يتقون العدوى بالطاعون ، وهنا كف اللصوص الأربعة الستار عن أنهم كانوا قد تناولوا دواءً سحرياً مؤلفاً من الثوم والخل ، فكان ذلك سبباً في ظهور وصفة ( الخل المعقم بالثوم ) ضد الجروح والإنتان.
عدّه القدماء ترياقاً يشفي من جميع الأمراض فهو مقوٍ فعال ، واعتقد قدماء المصريين أن الثوم فيه سر الشباب الأبدي حتى أنهم أعطوا لعمال بناء الأهرامات لكي يحافظوا على صحتهم ونشاطهم . وقد ذكرت التوراة أن بوذا كان يقدم الثوم لعمال الحصاد ليمنحهم القوة والمناعة ضد الأوبئة ، وينسب التلمود إلى الثوم القدرة على قتل الديدان المعوية ، وزيادة غزارة المني ، وقدّر اليونان والرومان الثوم حق تقدير بسبب خصائصه العلاجية ، وقد أعلن الطبيب والفيلسوف اليوناني ( هيبوقراط ) ذات مرة . أن الثوم ( ملين سريع وأيضاً مدر للبول ) وفي الهند يعتبر الثوم العلاج الروحاني من الأزل وحتى الآن فيقال : إنه واق من التهاب المفاصل ، والاضطرابات العصبية ، وقد استخدم أيضاً في تسكين التهاب القصبات وذات الرئة ، وداء الربو ، والإنفلونزا ( نزلات البرد ) وأمراض الرئة الأخرى ، ولطرد الغازات والطفيليات ، واستخدم كعلاج للإستنشاق ، وهو فعال لعلاج السعال الديكي لدى الأطفال.
أما الطب الحديث فإنه يعترف للثوم بقدرته على تخفيف ضغط الدم بفضل أثره في الشرايين الصغيرة وفي قابلية تقلص القلب وتنشيطه ، وهو يسهّل دوران الدم وينقيه ، وتستخدم مستخرجاته على نطاق واسع في إعداد الأدوية الحديثة المضادة للتوتر.
أما خصائصه المطهرة والقاضية على الجراثيم والمتخمة التي ذكرها الرومان فقد جعلته فعالاً لا في مكافحة الأمراض المعدية فحسب ، بل في الشفاء من التهاب الشعب والزكام والعدوى التنفسية الموسيمة ، ويؤثر الثوم في أعضاء الهضم ، باعتباره مطهراً ، ويكافح الإسهال ، ومما يؤسف له أن المعدة الحساسة لا تتحمله . والثوم كذلك ممتاز في القضاء على الديدان فهو يؤثر في التخلص من الأسكاريس والحرقص . كما أن مضغه بشكل جيد واختلاطه باللعاب يجعل منه محرضاً ممتازاً للشهية إذ يحرك جدران المعدة وينبه العصارة المعدية فيكافح التخمة بمجرد تناول حساء صنع منه.
أما خصائصه المثيرة لاحمرار الجلد وبثوره فتجعله مفتتاً للثفن ( مسمار اللحم )
ولقد كانت القدرة الفائقة للثوم على قتل الجراثيم مدار بحث العلماء في مختلف العصور فقد كانوا يريدون معرفة المادة التي تمنحه تلك القدرة إلى أن كان عام 1944 عندما استطاع العلماء عزل مادة ( الآليسين ) وهي المادة الأساسية التي تكمن وراء الصفات العلاجية النادرة والرائحة الخاصة التي يتميز الثوم بها ، ويوجد أيضاً في الثوم مركبات عضوية كبيرتية مثل ثنائي كبريتيد الآيل بروبايل وثنائي كبريتيد ثنائي الآيل ، وهو في بعض الحالات أشد فعالية من البنسلين وبعض المضادات الحيوية .
ونظراً لوجود الزيوت الطيارة في الثوم فإنه يساعد الرئتين على التنفس وخاصة في الحالات المرضية كالتهاب القصبات والربو والسعال الديكي.
وقد تبين أن الثوم واق فعال من تصلب الشرايين لأنه يحول دون تراكم الكوليسترول على جدار الشرايين ، وينقي الدم من الكولسترول والمواد الدهنية ، ومن الثابت منذ مدة طويلة تأثيره الخافض لضغط الدم .
ويؤكد العلماء أن أفضل أنواع الأدوية الخاصة بأمراض القلب هي التي يدخل فيها الثوم بشكل أو بآخر كعنصر أساسي .
إن غنى الثوم بالفوسفور والكلس يجعل منه منشطاً للجسم وسبباً في إطالة العمر ، وهو يحتوي أيضاً على القدر الكافي من الفيتامينات الصحية ، والأملاح المعدنية وخصوصاً فيتامين ( C ) والحديد والبوتاسيوم ، ويعد أيضاً من أفضل مصادر ( الجرمانيوم ) وهو عنصر معدني نادر يساعد على تقوية جهاز المناعة في الجسم ، وكذلك يحوي السيلينيوم وهو شكل عنصري آخر له خواص مضادة للأكسدة مشابهة لخواص فيتامين ( E ) ذو تأثير مقوٍ للشعر وموقف للقشرة.
ومن الثابت أيضاً أن الثوم معالجٌ ممتاز لحالات ضعف الإنتصاب لدى الرجال ورافعٌ للكفاءة الجنسية .
وبالرغم من أنه مفيد للأشخاص الذين ينعمون بصحة جيدة غير أنه غير محبّذ للأشخاص الذين يعانون من مشكلات معدية وهضمية ، ذلك لأن الثوم يهيج المعدة وجهاز البول في الجسم ، ويمنع الثوم عن الحوامل والأمهات اللواتي لديهن أطفال رضع ، ذلك لأن رائحة الثوم تنتقل إلى حليب الأم وتختلط به فيكره الطفل تناول حليب أمه بسبب هذه الرائحة.