كشف فريق بحث دولي من بريطانيا وجنوب أفريقيا والولايات المتحدة , عن أن نبتة البطاطا الأفريقية التي استخدمتها قبائل الزّولو , التي تستوطن جنوب أفريقيا , لعدة أجيال , تتمتع بفوائد صحية مذهلة في معالجة الأمراض التي تؤثر في جهاز المناعة .
وكانت قبائل الزولو تتكلم بلغة البانتو , تعيش في ناتال جنوب أفريقيا , وهي تستخدم هذه البطاطا بسبب آثارها الملينة , فهي تنظف الجهاز الهضمي , وتخفف آلام بعض الأمراض الجلدية وأعراض الزكام والأنفلونزا . وقد اكتشف الباحثون مؤخرا , خصائص هذه النبتة المميزة , وقدرة مكوناتها الغذائية على إبطاء الإصابة بالإيدز والسرطان .
وأكد خبراء الطب البريطانيون بعد أن درسوا آثارها المقوية للمناعة , إن هذه البطاطا تعتبر واحدة من أغنى المصادر الطبيعية للمركبات الشبيهة بالهرمونات التي تسمى ستيرول , وهي تعمل على تقوية جهاز المناعة في الجسم , بتنشيط خلايا المناعة من ونوع ” تي ” الذي يعد مقاوماً خلوياً ضد المرض . وقال هؤلاء إن معظم أنواع الفواكه والخضراوات تحتوي على مركبات ستيرول , ولكن المعالجة الصناعية للطعام تسبب إتلاف العديد من هذه المركبات قبل أن يصل المنتج إلى الأسواق .
ووجد فريق البحث برئاسة الدكتور جون ويلكينسون , أخصائي طب الأعشاب في جامعة ميدلسيكس البريطانية , بعد مراجعة الدراسات التي أجريت خلال العشرين سنة الماضية , أن لهذه البطاطا , التي تبدو ثمارها كنوع شعري منتفخ وأرجواني اللون من البطاطا العادية , وتنمو في جنوب أفريقيا , أثراً فعالاً في تقوية جهاز المناعة في الجسم دون التسبب بأي سمية أو آثار جانبية .
ومن جانبه , لاحظ الدكتور باتريك بويك , أخصائي المناعة في جامعة ستيللينبوخ في جنوب أفريقيا , من خلال التجارب التي أجراها على مجموعات من مرضى الإيدز , أن المرضى الذين أكلوا تلك النبتة , حافظوا على مستويات الخلايا المناعية الليمفاوية في دمائهم لمدة 27 شهراً , في حين لقي المرضى الآخرون الذين لم يأكلوا تلك النبتة حتفهم .
وكشف الدكتور ويلكينسون عن دراسة أفريقية أخرى أجريت عام 1995 , لمتابعة آثر النبتة في معالجة المرضى المصابين بسرطان الرئة , أن المرضى الذين تناولوا البطاطا على شكل أقراص , عاشوا مدة أطول من المرضى الذين لم يتناولوها , حتى أن أحدهم عاش مدة أطول من المدة الافتراضية بحوالي خمس سنوات .
وأوضح أن المركب النشط الموجود في مواد ستيرول , يعرف باسم هايبوكسوسايد , وهو مادة كيميائية تتمتع بخصائص مضادة للالتهابات ومضادة للفيروسات , وتتبع آثر الفيروسات المسببة للأمراض مثل الأنفلونزا , فضلا عن كونه منشطا مناعياً قويا أيضاً .
وقال الباحثون أن البطاطا الأفريقية لا تساعد في إبطاء الإصابة بالأمراض التي تهاجم الجهاز المناعي , مثل الإيدز فقط ولكنها تخفف الألم أيضاً , وتعمل كعامل وقاية ضد نزلات البرد والأنفلونزا .
وشدد الباحثون على أن هذا النوع من البطاطا لا يعتبر علاجا شافيا لمرض الإيدز , ولكنه يخفف أعراضه .. ويعكف الباحثون في جامعة كاب تاون , على دراسة آثار هذه البطاطا كعلاج محتمل للأمراض الجلدية . وفي واشطن أكد باحثون أمريكيون أنهم على وشك تطوير لقاح مضاد لفيروسات التهاب الكبد الوبائي من نوع “ب” باستخدام ثمار البطاطا . ويعمل الباحثون منذ سنوات عدة لتحديد إمكانية استخدام ثمار الفواكه والخضروات لنقل اللقاحات العلاجية والوقائية بصورة ناجحة إلى الجسم وتشجيع الجهاز المناعي فيه على إنتاج أجسام مضادة للفيروسات المرضية .
وقال هوف ماسون من معهد بويس ثومبسون للبحوث النباتية , إن هذا الأمر أصبح ممكناً , لا سيما بعد أن لاحظوا أن لفئران أنتجت أجساما مضادة لفيروس التهاب الكبد ” ب” بعد تناولها نوعاً من البطاطا المعدلة وراثياً .
ووجد الباحثون في الدراسة التي سجلتها مجلة الطبيعة للتكنولوجيا الحيوية في عددها الأخير , أن الفئران التي أعطيت ثلاث جرعات أسبوعية من البطاطا المعدلة وراثياً مع منشط خاص لزيادة قوة الجهاز المناعي أنتجت كميات معقولة من الأجسام المضادة في دمائها , ووصلت الاستجابة المناعية لديها إلى أقصى درجة بعد الجرعة الأخيرة .
وبالرغم من هذه النتائج الواعدة , يرى الباحثون ضرورة إجراء المزيد من الدراسات والاختبارات السريرية للحصول على استجابة مناعية أعلى , إذ سيساعد نظام نقل اللقاحات باستخدام الطعام في توفير طريقة بسيطة وفعالة وغير مكلفة , لتقليل معدلات الأمراض ولا سيما في الدول المنامية.