تشير التقارير إلى أن البشر يزدادون وزنا يوما بعد يوم . وبينما تنتشر البدانة في البلدان المزدهرة التي تسمح فيها اقتصاديات السوق بوجود تسويق غير مراقب للأطعمة غير الصحية يعاني العديد من البشر في أماكن أخرى من العالم من قلة الغذاء .
وتقول البروفسورة ماريون نستل من قسم التغذية والغذاء بجامعة نيويورك , في تقرير نشرته مجلة ” ساينس ” إن سياسات الغذاء في القرن الحادي والعشرين تتسم بالمقارنة والسخرية . ومع تقدم البدانة تدريجيا على سوء التغذية كسبب رئيسي في تردي صحة العالم , فإنها يمكن أن تمثل مصدر إزعاج صغير للبلدان التي يندر فيها الغذاء .
وفي سباق البدانة تحتل الولايات المتحدة المرتبة الأولى حيث تشير التقادير إلى أن ثلث البالغين الأمريكيين يعانون من البدانة وهذه النسبة في نمو مستمر وفي أوروبا أيضا يتناول البالغون والأطفال كميات كبيرة من الطاقة الغذائية تفوق قدرة الأنماط العصرية التي تتسم بالكسل , على استهلاكها .
في الصين فقد تجاوزت نسبة البدانة ضعف ما كانت عليه في العشرين سنة الماضية . ويقول الخبراء أن هذه الأرقام تلعب دوراً كبيرا في ارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان وأمراض الأوعية القلبية والسكري نوع 2 .
وتم مؤخرا رفض محاولة قام بها مراهقون يعانون من الوزن الزائد لمحاكمة سلسلة مطاعم للوجبات السريعة متهمين إياها بخداعهم بالفوائد الغذائية للبطاطا المقلية والبيرجر , حيث قررت المحكمة أنه ينبغي على المدعين أن يكونوا على أعلى درجة من الدراية والمعرفة , ومع ذلك من المتوقع أن يتم رفع دعاوى أخرى .
وصحيح أن قطاع صناعة الأغذية لا يحشر منتجاته ذات القيمة الغذائية المنخفضة في الأفواه قسرا , غير أنه لا يمكن تجاهل العلاقة بين الإفراط في تناول الطعام والسياسات المتبعة , حسب قول البروفسورة نستل .
وتضيف البروفسورة : إن من الصعب أيجاد أية صناعة رئيسية قادرة على جني الأرباح عندما يلجأ الناس إلى تناول كميات أقل من الطعام فجميع القطاعات ومنها القطاع الزراعي وصناعة الأغذية والمطاعم والبقاليات وقطاع صناعة العقاقير وغيرها , تزدهر وتنتعش عندما يزداد استهلاك الناس للطعام وهي تجند جيوشا من العملاء لمنع الحكومات من القيام بأي شيء يحول دون زيادة استهلاك الطعام .
وهكذا فالبدانة تنمو في مستنبت من النفايات ترعاه السياسات ويسهم قطاع صناعة الأغذية في الولايات المتحدة بجزء كبير في الحملات السياسية وينتج كمية من الطعام تفوق حاجة الأمريكيين وتشير الدراسات الزراعية في أوروبا إلى أن اليونان وايطاليا واسبانيا تنتج ملايين الأطنان من الفاكهة والخضراوات الصحية والغنية بالعناصر الغذائية ومن ثم تقوم بإتلافها للحفاظ على مستوى الأسعار .
وعليه لا عجب في أن الوكالات الحكومية تقاتل باستحياء لحل مشكلة البدانة . وتتساءل البروفسورة نستل إذا كانت الحملات الرامية للترويج لتناول الطعام بشكل صحي لا تصب في مصلحة قطاع الصناعة , وإذ ما كانت الوكالات الحكومية نفسها مكبلة بصراعات المصلحة , فكيف لأي مجتمع أن يجد حلا لوباء البدانة ؟
وتشتمل قائمة توصيات البروفسورة نستل المدعومة من قبل حملة البدانة العالمية على فرض ضرائب على الأطعمة السريعة والمشروبات الخفيفة وتزويدها برقعات تعريفية ووضع قوانين تسويق صارمة , إضافة إلى اتباع سياسات جديدة مع الشركات الزراعية وترى الخبيرة أنه بغياب مثل هذه الإجراءات فسوف نواجه مستقبلا تتعرض فيه الصحة لخطر كبير لدرجة أن ملايين المراهقين سيعانون من السكر نوع 2 ومن ثم يفقدون بصرهم مع بلوغهم الثلاثينات من العمر .