فطر أعجوبي يشفي من السرطان و الايدز و السكري و ضغط الدم و … البدانة
للفطر في أوروبا بوجه عام صورة ليست زاهية دائماً . اذ أن الفقع (Mushroom ( , وهو الاسم الثاني للفطر الأبيض الرخو المعروف , هو قبل كل شيء نبات فطري من نوع الكمأة . و مع أنه “ينبت ” في أعداد لا تحصى من أقطار العالم , و يبلغ عدد أنواعه خمسين ألف نوع , فاٍن نسبة ضئيلة من هذه الأنواع لا تتعدى واحداً أو اثنين بالمائة منها , هي من الأنواع السامة فعلاً , و أكثر ظهور هذه الأنواع السامة هو في أوروبا و الأقطار الغزيرة الأمطار التي يكثر فيها تخمر جذور الأشجار . و من هذه الأنواع الخطرة التي تحذر منها القصص و الأساطير الأوروبية , نوع ” مقعد الضفدع العلجوم ” Toodstool )) وفي الغرب لا تعزى إلى الفطر قيمة غذائية صحية . بل أن دائرة معارف غربية تزعم أن القيمة الغذائية للفطر زهيدة لا تستحق الذكر .
إن مؤلف هذه المعلومة في دائرة المعارف المذكورة , قد يجد نفسه ذات يوم مضطراً لأن ” يبتلع ” هذا الادعاء بعدم فائدة الفطر , و ذلك لإن العلماء الذين انكبوا على دراسة القيمة الطبية للفطر طوال حوالي عشرين سنة , قد شهدوا بأن أنواع الفطر فضلا عن قيمتها الغذائية , تحتوي على مواد يمكن أن تعد أسلحة قوية لمنع أو معالجة السرطان و أمراض أخرى ’ وكذلك ” لترويض ” و تخفيف الآثار الجانبية العنيفة للعلاجات الكيميائية .
إن نوع الفطر الذي يحظى حالياً بأكبر قسط من الاهتمام في المختبرات و التجارب السريرية هو نوع عملاق من الفطر يقول الخبراء إن الناس سيسمعون عنه الشيء الكثير في القريب العاجل , و هو نوع ” مايتاكي “(Maitake) الذي يعرف أيضاً باسم ” دجاج الغابة ” بسبب شكله الأشعث و حجمه الكبير الذي يشبه الدجاجة فعلاً بطبقاته التي تشبه الريش و يبلغ حجم فطر ” مايتاكي ” عادة حجم كرة المضرب و لكنه قد يكبر حتى يبلغ وزنه أحياناً حوالي ( 45 ) كيلوغراماً!
وفي اليابان يحظى هذا النوع من الفطر بأهمية كبرى بين الناس , اكتسبها طوال قرون عدة . و هناك يعرف باسم ” الفطر النطَاط ” لإن الشخص الباحث عن الفطر في الغابة إذا وجد واحدة من نوع ” مايتاكي ” , فإن الفرح يستبد به و يحمله على القفز من فرط بهجته !
كما أن مذاق هذا النوع معروف و محبوب أيضاً في الصين . و في هذين القطرين , يتجاوز الأمر حليمات التذوق باعتبار أن له نكهة لذيذة قوية , اذ أن خلاصات هذا الفطر تعد مادة صحية قوية المفعول تستعمل في الطب الآسيوي التقليدي . وقبل أن يأخذ الإنسان بهذه الآراء و يعتبر ” مايتاكي ” طعاماً أعجوبياً , من المستحسن أن توضع الأمور في مواضعها بخصوص هذا الفطر . إذ أنه لم يجر إلا النزر اليسير من البحث العلمي المخبري في الغرب بشأنه , و معظمه أجرى على الحيوانات المخبرية . و كل هذه الاختبارات استعملت فيها مقادير كبيرة من خلاصات شديدة التركيز من هذا الفطر .
وعلى كل حال , فانه لما كانت الدراسات التي أجريت عليه حتى الآن , حافلة بالوعود , و لما كانت خلاصة ” المايتاكي ” مأمونة لمن يتناولها , فإن أطباء الصين و اليابان يستعملون المنتجات المشتقة من هذا النوع من الفطر , في معالجة بعض الحالات المرضية .
وتوحي الدراسات التي أجريت عليه في إخماد نمو و انتشار السرطان و ذلك عن طريق زيادة مستويات الخلايا التائية المقاومة للأورام , و كذلك زيادة الخلايا القاتلة الطبيعية , بنسبة قد تصل إلى 200% .
و جاء في دراسة نشرت نتائجها في العام الماضي ان فطر ” مايتاكي ” قد يكون أقوى مفعولا من مجرد تقوية للجملة المناعية . وان مواد ” بيتا- غلوكان ” في هذا الفطر ربما كانت تحمل خلايا بعض أنواع السرطان على ” الانتحار “و هي ظاهرة يطلق عليها اسم ” التلاشي “.
و قد قام الفريق العلمي الطبي الذي أجرى له هذه الدراسة , بتعريض خلايا سرطان البروستات البشري في الطبق الزجاجي المخبري , الى خلاصات أنواع عدة من الفطر , بما فيها فطر مايتاكي . وفي حين ان خلاصة أحد الأنواع قتل 20% من الخلايا الخبيثة , فإن خلاصة مايتاكي قتلت 90% من هذه الخلايا خلال 24 ساعة .
و قد أيدت نتائج هذه الدراسة , نتائج دراسات أخرى مماثلة . و لا بد من الاشارة هنا إلى أنه ما من أحد يستطيع أن يؤكد صدق هذه النتائج , و ذلك نظراً إلى أن الفطر لم يدرس بعد على الآدميين المصابين بأي شكل من أشكال السرطان , دراسة و ثيقة . ولقد كانت هناك بعض الدراسات غير الرسمية على البشر , و في إحدى الدراسات جربت خلاصات من الفطر على عدد من النسوة المصابات بسرطان الثدي . وقد تحسنت من جراء تناول خلاصات فطر مايتاكي , حوالي ثلاثة أرباع أولئك النساء . و في نفس تلك الدراسة غير الرسمية , انتفع بتلك الخلاصات عدد من الأشخاص المصابين بسرطان الرئة و الكبد . ويبدو أيضاً أن خلاصة المايتاكي قادرة على تخفيف بعض الآثار الجانبية الناجمة عن تعاطي العلاجات الكيميائية , مثل الغثيان و تساقط الشعر , لدى 90% من المصابات و المصابين بالسرطان .
و قد كانت هذه الدراسة مفتقرة إلى دراسة مقارنة تجرى على جماعة أخرى , لذلك فانه لم يثبت ان مايتاكي كان هو سبب التحسن . و على كل حال , فإن الأطباء في اليابان يستعملون خلاصة مايتاكي حالياً كمكمَل للعلاج الكيميائي ضد السرطان . ويبدو أن هذه الفكرة قد ترسخت لدى جماعات طبية في الغرب أيضاً . وفي نيويورك يقوم المختصون في مركز سلون- كترينغ للسرطان بتوصية الأشخاص الذين يتعاطون علاجات كيميائية , بتناول خلاصة من سائل مايتاكي أيضاً , من أجل تخفيف الآثار الجانبية .
إن من المزايا البديعة لفطر مايتاكي , خلَوه من الآثار الجانبية و السمية . فهو مادة , إن لم تنفع , فإنها لا تضر على كل حال , و لا تؤثر تأثيراً سلبياً على العلاجات الكيميائية التي يتعاطها المريض .
و من المتوقع أن تبدأ قريباً دراسة رسمية تمولها الحكومة , بقصد التأكد مما إذا كان هذا الفطر يجلب الفائدة للنساء المصابات بسرطان الثدي .
كذلك فإن الأبحاث التي يجريها العلماء الطبيون الآسيويون توحي نتائجها بوجود دور مهم لفطر مايتاكي في تقوية الجملة المناعية عند الأشخاص المصابين بداء نقص المناعة المكتسب ( الإيدز ) .
كما أن الأبحاث الجارية في المركز الطبي لجامعة جورج تاون الأميركية , توحي بأنه ربما كان هنالك تأثير شفائي آخر , و يحاول المختصون في هذا المركز معرفة ما إذا كانت خلاصة المايتاكي يمكن أن تساعد الأشخاص المصابين بسكري الكبار الآخذ في الانتشار بصورة و بائية في كثير من الأقطار الصناعية الكبرى .
فهذا النوع من الداء السكري ( الفئة الثانية ) ليس ناجماً عن تعطل البنكرياس و إنما ناجم عن مشكلة تسمى ” مقاومة الأنسولين ” فجسم الشخص المصاب بسكري الكبار , تنتج غدة البنكرياس لديه مقداراً كثيراً من هورمون الأنسولين , و لكن الخلايا في أنسجة الجسم ” تقاوم ” الأنسولين أو تصبح أقل تحسساً به .
وقد تبين أن فطر مايتاكي يقلَل من مقاومة خلايا أنسجة الجسم للأنسولين .وقد تبينت هذه الفائدة في تجارب أجريت على الفئران المخبرية .
ومن المعروف أن هناك مواد طبيعية تزيد من تحسس خلايا الجسم بالأنسولين , وفطر مايتاكي , على ما هو واضح , واحد من هذه المواد , و إنه إلى جانب هذه الفائدة قد يساعد أيضاً على تخفيض ضغط الدم المرتفع .
إن جميع الأبحاث التي أجريت حتى الآن , كانت متعلقة بخلاصة المايتاكي , فما بالك لو كنت تشتهي تناول الطعام المحضر من الفطر ذاته ؟ إن عليك عندها تناول مقادير كبيرة من فطر مايتاكي للحصول على الفوائد المتوخاة منه , و اكتساب ذلك القدر من بيتا – غلوكان المركز اللازم لمقاومة السرطان . فهل هذا ممكن ؟؟
على كل حال فالفكرة طيبة بأن يضيف الإنسان إلى وجباته الغذائية أطعمة محضرة من الفطر للمحافظة على صحته . وفي اليابان و الصين , يتناول الناس الفطر في طعامهم كل يوم . فهل من المصادفة أن تكون الإصابة بمعظم أنواع السرطان غير واسعة نسبياً في هذين البلدين ؟
إن الاعتقاد الآن هو أن فطر مايتاكي يمكن أن يضم إلى فئة صحية أخرى من الطعمة التي تشكَل الغذاء الرئيسي لدى الناس في آسيا مثل الصويا و السمك و الشاي .
في هذه الأثناء يعتقد بعض الباحثين بأن المواد الموجودة في فطر مايتاكي و سائر أنواع الفطر الأخرى , ربما كانت تحتوي على فوائد أخرى تتطلب المزيد من البحث و الدرس , بما في ذلك المحافظة على الوزن الصحيح , و الحيلولة دون الإصابة بأخماج السبيل البولي .