يعتبر زيت الزيتون غنياً بالأحماض الدهنية الأحادية غير المشبعة، وهو من العناصر الغذائية المهمة جداً في منطقة البحر الأبيض المتوسط خصوصا، والملاحظ أن سكان تلك المنطقة لديهم متوسط عمر أعلى، وانخفاض ملحوظ في خطر الإصابة بأمراض القلب، وارتفاع ضغط الدم والسكتة الدماغية، مقارنة مع أمريكا الشمالية وشمال أوروبا، إذ تعتبر الأحماض الدهنية غير المشبعة هي الدهون الغذائية الصحية، بخلاف الدهون المشبعة والدهون المتحولة.
زيت الزيتون هو الدهن الذي يتم الحصول عليه من ثمرة شجرة الزيتون، أو ما يطلق عليها علمياً «أوليا يوروبايا»، وهو محصول تقليدي في منطقة البحر الأبيض المتوسط، حيث يتم عصر الزيتون الكامل لإنتاج الزيت. ويستخدم الزيت في مستحضرات التجميل والأدوية وزيوت الطبخ والصابون، كما يستخدم أيضاً كوقود للمصابيح التقليدية. وعلى الرغم من أن موطن الشجرة الأصلي هو بلدان حوض البحر الأبيض المتوسط، لكنه أصبح يستخدم على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم، وتعتبر اليونان الأولى في استهلاك زيت الزيتون عالميا، حيث يقدر استهلاك الفرد في السنة بـ 24 لتراً.
زيت الزيتون البكر ومرض الزهايمر
يمتاز زيت الزيتون بغناه بمادة «أوليوكانثال»، وهي أحد مركبات الفينول الطبيعي في زيت الزيتون البكر الممتاز، حيث اكتشف الباحثون في التجارب المختبرية على الفئران أنها تخلص الدماغ من البروتينات غير الطبيعية المسببة لمرض الزهايمر. وبناء على هذه المعلومات، أوضح الباحثون أن معدلات مرض الزهايمر أقل في بلدان البحر الأبيض المتوسط، حيث الاستهلاك الأعلى لزيت الزيتون مقارنة بباقي دول العالم.
أجرى فريق من الباحثين دراسة لتحديد ما إذا كانت مادة «أوليوكانثال» تساعد على تقليل تراكم مركب «بيتا اميلويد»، والذي يعتقد أنه السبب الرئيسي لمرض الزهايمر، ونشرت نتائج الدراسة في مجلة كيمياء علم الأعصاب، حيث تعقب الفريق آثار الـ«أوليوكانثال» في خلايا الدماغ المحضرة في المعمل وعلى أدمغة الفئران المخبرية. ووجد الباحثون أن مادة الـ«أوليوكانثال» في كل من خلايا الدماغ المحضرة وأدمغة الفئران، تعزز باستمرار إنتاج اثنين من البروتينات والإنزيمات الرئيسية التي لها دور معروف في إزالة الـ«بيتا اميلويد» من الدماغ. وأكد الباحثون أن الـ«أوليوكانثال» تعتبر مادة مشتقة من زيت الزيتون البكر الممتاز، والمرتبطة بالنظام الغذائي في بلدان البحر الأبيض المتوسط، حيث إن لديها القدرة على الحد من خطر الإصابة بمرض الزهايمر وأمراض الخرف الأخرى الناتجة عن تلف الأعصاب.
زيت الزيتون والتهاب البنكرياس الحاد
يعتبر زيت الزيتون البكر الممتاز غنيا بحمضي الـ«أوليك» والـ«هدروكسيتيروسول»، الذي يلعب دورا هاما في تطور التهاب البنكرياس الحاد، وهو التهاب مفاجئ في البنكرياس، حيث أجرى باحثون في جامعة غرناطة في إسبانيا تجارب مختبرية أثبتت أن مكونات زيت الزيتون البكر الممتاز يمكن أن تحمي من التهاب البنكرياس الحاد. وأظهرت الدراسة أن هناك أدلة متزايدة على أن عمليات الأكسدة المؤدية إلى الالتهاب تشارك بصورة ملحوظة في حدوث الأمراض المزمنة، وأن النظام الغذائي يلعب دورا هاما في مثل هذه العمليات.
زيت الزيتون والكبد
أجرى باحثون من جامعة المونستير بتونس وجامعة الملك سعود بالمملكة العربية السعودية دراسة أظهرت أن زيت الزيتون البكر قد يحمي الكبد من الإجهاد التأكسدي، والذي يعني تلف الخلايا الناتج عن التفاعلات الكيميائية بين الشوارد الحرة والجزيئات الأخرى في الجسم، ببساطة فإن الإجهاد التأكسدي يعني تلف الخلايا، وقد نشرت هذه الدراسة في مجلة «بايوميد سنترال» حيث أفاد القائمون على الدراسة أن الفئران المختبرية المعرضة لمبيدات الأعشاب السامة، والتي تغذت على نظام غذائي يحتوي على زيت الزيتون كانت محمية جزئيا من تلف الكبد.
وأشار الباحثون إلى أن زيت الزيتون يعد مكونا أساسيا للنظام الغذائي في منطقة البحر الأبيض المتوسط، وهناك أدلة متزايدة على أن له فوائد صحية كبيرة، تتضمن الحد من خطر الإصابة بأمراض شرايين القلب التاجية، والوقاية من بعض أنواع السرطان وتعديل الاستجابات المناعية والحد من الالتهابات. وقد أظهرت الدراسة أيضا أن زيت الزيتون البكر الممتاز يحمي من الأكسدة التي تعمل على إتلاف أنسجة الكبد، علاوة على دوره المثبت علميا في الوقاية من التهاب القولون التقرحي، وهو أحد أمراض اضطرابات الأمعاء، حيث يحدث الالتهاب في الأمعاء الغليظة (القولون)، ويعد من الأمراض المزمنة الشائعة التي تشبه مرض «كرون» واضطرابات الأمعاء المشابهة.
يقول العلماء في جامعة إيست أنجليا في إنجلترا إن استهلاك المزيد من زيت الزيتون يمكن أن يساعد في الوقاية من التهاب القولون التقرحي وعلاجه. حيث قام مجموعة من الباحثين وفريق العمل بجمع وتحليل بيانات أكثر من خمسة وعشرين ألف شخص يعيشون في نورفولك بإنجلترا، تتراوح أعمارهم بين الـ40 والـ65، وكان المتطوعون جزءا من دراسة التحقيق الاستقصائي الأوروبي في النظام الغذائي والسرطان (EPIC)، والتي امتدت من عام 1993 إلى 1997، ولم يكن أي منهم يعاني من التهاب القولون التقرحي في بداية الدراسة، حيث أكمل المشاركون استبيانات ودونوا مذكرات غذائية تفصيلية شملت معلومات عن صحتهم واستهلاكهم العام للدهون. وفي عام 2004 قارن الباحثون الوجبات الغذائية للذين أصيبوا بالتهاب القولون التقرحي مع نظرائهم الذين لم يصابوا به، واكتشفوا أن المشاركين الذين تناولوا كمية أكبر من حمض الـ«أوليك» الذي يعتبر مكونا من مكونات زيت الزيتون، كان خطر الإصابة بالتهاب القولون التقرحي لديهم اقل بنسبة 90٪ مقارنة بالذين تناولوا كميات أقل.موقع طرطوس
وأثبتت الدراسة بما لا يدع مجالا للشك أن حمض الـ«أوليك» يساعد على منع حدوث التهاب القولون التقرحي من خلال إعاقة تكوين المواد الكيميائية التي تؤدي إلى تفاقم الالتهاب الذي يسبب المرض، فضلاً عن أنه يحول دون إصابة حوالي نصف الحالات بالتهاب القولون التقرحي عند تناول كميات أكبر من الحمض، حيث إن تناول ملعقتين إلى ثلاث ملاعق صغيرة من زيت الزيتون يوميا يكون له تأثير وقائي كبير على الجسم. كما يحتوي زيت الزيتون على عناصر غذائية أخرى مثل فيتامين E (حيث تحتوي 100 جم من زيت الزيتون على 93% من الاحتياج اليومي للكبار من فيتامين E)، إضافة إلى احتوائه على فيتامين K وحمض أوميجا 3 وأوميجا 6.
وفي العديد من البلدان، بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية، تتم معالجة زيت الزيتون بالحرارة والمواد الكيميائية للتخلص من الشوائب، مما يجعل لونه ونكهته أخف من زيت الزيتون البكر، كما يتم مزجه مع زيوت أخرى.