يجلس رجل في القطار يحل الكلمات المتقاطعة وتنكفىء امرأة على حل لغز لعبة السودوكو ، بينما يومض إعلان عن لعبة ذاكرة إلكترونية على شاشة معلقة في عربة القطار .. ويقول الناشرون إن القراء وعموم الناس يسعون عبر حل هذه الكلمات إلى تحسين ذاكرتهم واختبارها بل وتحسين معلوماتهم وقدراتهم العقلية !
لكن هل تفيد لعبة السودوكو الكلمات المتقاطعة وغيرها من ألعاب التدريب بأي قدر في تحسين الذاكرة ؟ هل هي فعالة بحق في تدريب الذهن أم أنها مجرد طريقة جميلة لقضاء الوقت ؟ يقول كارستين براندنبرغ من الرابطة الألمانية لتدريب الذاكرة : إذا درب المرء ذهنه فإنه يستطيع تحسين أدائه . لكن لا يمكن لكل تدريب أن يحدث تغيراً جوهراً في قدرة المرء على تذكر الأشياء .. وأنه أعاد المرء التدريب نفسه فسوف يعتاده الذهن ، ولن يكون هنالك أي نوع من التحدي .
والسودوكو هو الأكثر فاعلية في المراحل الأولية ، ويوضح براندنبرغ بالقول : الذهن ليس معتاداً التفكير بهذه الطريقة ، ولذا تتكون روابط جديدة بين الخلايا العصبية الفردية . وتقول كريستا روث شاكينهايم رئيسة الرابطة المهنية للأطباء النفسيين الألمان : أدركنا مؤخراً أن الذهن البشري يمكنه إحداث روابط جديدة بل وطرق جديدة .
وهذا يفسر السبب في أن السودوكو وأبعاب ذاكرة الكمبيوتر يمكن أن يكون لها تأثير إيجابي في أداء ذاكرة المخ وإنك في هذه الحالة لا تحسن فقط في تركيزك ، ولكنك أيضاً تمارس التفكير الاستراتيجي ، وكيفية الربط بين حقائق مختلفة ، وهذه القدرة يمكن أن تكون مفيدة في حياتك اليومية .
وتضيف كريستا : إن أكثر الألعاب الذهنية تأثيراًً هي تلك التي تخبر ما يتجاوز ما لديك من معلومات ، وهذا لا يتضمن مسابقة الكلمات المتقاطعة ، فيما يقول براندنبرغ الذي يعمل مدرب ذاكرة في عيادة متخصصة الذاكرة في إيسن بألمانيا : إن هنالك عدداً من الكتب والألعاب الإلكترونية التي تخدم هذا الاتجاه . وإن أفضل التمارين هي تلك المصممة جيداً والتي تصبح تدريجياً أكثر إثارة للتحدي كلما حدث تقدم .
ويقول رئيس مجموعة عمل طب نفس الشيخوخة في مشفى شارتيه الجامعي : لا يوجد تدريب يمكنه أن يجعل الشخص أكثر ذكاء ، وأن الأمر لا يستلزم شراء ألعاب غالية الثمن للحفاظ على اللياقة الذهنية ، فإذا مارس المرء بضعة تمارين ، فإنه سيحسن من ذاكرته أو يحافظ عليها عند المستوى الحالي على الأقل .
ويقول خبراء آخرون : إن التواصل مع الآخرين والتعامل مع الأسئلة الصعبة والاستماع إلى الموسيقى ، وتعلم لغة جديدة والأعمال المنزلية وممارسة هواية ما وممارسة الرياضة البدنية ، كلها أمور تساعد على تحسين الذاكرة .