يمكن للتغذية الجيدة أن تسهم في تأخير الانتقال من مرحلة الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية إلى مرحلة الإصابة بالأمراض المرتبطة بوباء الإيدز ، ويرجع ذلك إلى أن هذه التغذية تنهض بالأوضاع الحياتية للمصابين بالمرض وتساعد على تحسين أداء نظام المناعة الذي يشكل الدرع الوقائي للبدن من العدوى . غير أن المزارعين الفقراء في البلدان النامية المحرومين من الوجبات الكافية والمتوازنة يقضون نخبهم قبل أن يتمكنوا من نقل مهاراتهم الزراعية الحيوية إلى أطفالهم .
وبفضل الأغذية المحسنة يمكن لهؤلاء المزارعين من الآباء والأمهات أن يعيشوا بضع سنوات حاسمة أخرى وأن يتمتعوا بالطاقة التي تتيح لهم نقل معارفهم إلى الجيل التالي .
وقد تبين أن حجم الاستهلاك الغذائي في صفوف الأسر المنكوبة بالمرض في أفريقيا يشهد انخفاضاً بنسبة 40 في المائة . وتؤكد السيدة مارشيللا فيلاريال خبيرة مرض الإيدز في منطقة الأغذية والزراعة الدولية ( الفاو ) أن ” الغذاء هو الدواء الأول لفيروس نقص المناعة البشرية – الإيدز ” .
وتضيف ” أن اليتم مأساة بحد ذاتها ، غير أن وضع التيتم البالغ من العمر 15 عاماً يختلف كثيراً عن وضع يتيم في السابعة ، وإذا ما استطاع الآباء والأمهات العيش بضع سنوات أخرى ، فإنهم سيتمكنون من اصطحاب أطفالهم إلى الحقول وتعليمهم عبر الممارسة ” .
وتشير السيدة فيلاريال إلى أن حاملي الفيروس الذين لا يحصلون على أغذية كافية ونظيفة قد يعيشون لمدة عامين فحسب بعد أن يصل مرض الإيدز إلى مرحلته الكاملة . وكثيراً ما يكون هؤلاء حبيسي الفراش وأضعف من أن يتمكنوا من الذهاب إلى الحقول . وأوضحت دراسة أجريت في كينيا أن 7 في المائة فقط من الأسر الزراعية التي يترأسها الأيتام تمتلك معارف كافية بشأن الإنتاج الزراعي .
وفي إقليم مثل إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى ، حيث يصل عدد الأطفال من أيتام الإيدز إلى 11 مليون طفل ، فإن مد عمر الأب المزارع أو الأم المزارعة لبضع سنوات قد يعني الفارق بين الحياة والموت بالنسبة للأطفال اليتامى .
وتجيء رسالة المنظمة بشأن الغذاء ومرض الإيدز ، والصادرة بمناسبة اليوم العالمي للإيدز الذي يصادف 2 ديسمبر / كانون الأول من كل عام ، في الوقت الذي تتهدد فيه المجاعة ما يقدر بنحو 14 مليون نسمة في أفريقيا الجنوبية بفعل تضافر عوامل القحط ، والمشكلات الاقتصادية والأهلية ، وآثار جائحة فيروس نقص المناعة البشرية / مرض الإيدز . وتدعو المنظمة إلى الجمع بين المعونة الغذائية وتدابير الأمن الغذائي طويلة الأجل التي تشمل مثلاً ، إدخال أنواع من المحاصيل التي تتطلب زراعتها أعداداً أقل من اليد العاملة .
وتقول السيدة فيلاريال انه ” لا يمكن تناول قضايا التنمية الريفية ، والسياسات الزراعية ، والأمن الغذائي بمعزل عن جائحة فيروس نقص المناعة البشرية – الإيدز ” .
وتقول ” يجب إدراج مسألة فيروس الإيدز بصورة منظمة في الخطط الرامية إلى التصدي للأزمات الغذائية في المناطق الموبوءة والحيلولة دون وقوعها . وإذا لم يتم ذلك فإن هذا يعني تعريض حياة الملايين للخطر ” . ويقول كارل كالينز خبير التغذية في المنظمة الذي تم تعيينه مؤخراً في المناطق الشمالية من زامبيا الموبوءة بالإيدز ، أن الوضع قاتم في هذا الجزء من إفريقيا إلى درجة يهيم فيها الأطفال على وجوههم في الشوارع دون ما قريب إو جار على استعداد لإيوائهم ، وهي مرحلة لم يسبق أن شهدتها المناطق الريفية من القارة الأفريقية قبلاً .
وقد ساعدت المنظمة ميتما على إنشاء حديقة للخضر ليتعلم الأطفال سبل زراعة المحاصيل الغذائية ، ومن ثم إطعام أنفسهم وتحصيل بعض المال من بيع الإنتاج . وثمة مبادرة اخرى تهدف إلى المساعدة على النهوض بالمستوى التغذوي لضحايا فيروس الإيدز . وستصدر المنظمة قريباً ، بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية ، كتيباً يتناول تحسين الوضع الحياتي في ظل فيروس الإيدز والرعاية التغذوية لضحاياه ومساندتهم ” .
ويمكن للتغذية المناسبة أن تعالج الكثير من العوارض المصاحبة لمرض الإيدز ، مثل الإسهال ، وفقد الوزن ، والتهاب الفم والحنجرة ، والغثيان .، والتقيؤ . ويوفر الكتيب نصائح عملية عن سبل القيام بذلك في صفوف الأسر الفقيرة . وكان فيروس الإيدز قبلاً ظاهرة حضرية أساساً ، أما الآن فإن الجائحة قد اقتحمت المناطق الريفية أيضاً .
ولم يعد المرض مجرد مشكلة صحية ، إذ أنه يلحق الخراب الآن بالمجتمعات ككل ومن ثم فإنه يتطلب ردوداً على مستويات السياسات .
وتروج منظمة ( الفاو) للرعاية التغذوية لضحايا الوباء وتعمل على التخفيف من آثاره على الأمن الغذائي والتغذية ، ومواد الرزق .
كما تقدم المنظمة المساعدة إلى الحكومات والمؤسسات لوضع سياسات لمعالجة أمر الجائحة .