تعود فائدة أي علاج يستخدمه الإنسان للقضاء على مرضه إلى تعدد وجهات هذا العلاج في محاصرة المرض ، وبقدر ما يكون العلاج قادراً على مناورة المرض بقدر ما يكون فعالاً في القضاء عليه ، وعند اجتماع خواص علاجية في مادة غذائية ، عندما يتسنى للإنسان الاستفادة منها في حياته اليومية لوقايته من بعض الأمراض التي قد تصيبه ويمكن له استخدامها كدواء يساعد جسمه على القضاء على ما يعانيه ويعطي لجسمه النشاط والطاقة ويقيه من الشيخوخة وهذا باختصار ما يتميز به العسل والذي أشار إليه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بقوله : ( إن كان في شيء من أدويتكم خير ففي شرطة محجم أو شربة عسل ) .
تركيبة فريدة
التركيبة التي تميز العسل عن باقي المواد الغذائية أو الدوائية هي أنه في حال تناوله الإنسان كغذاء فإنه سيعود بذلك على جسمه بالفائدة ، وإذا تم تناوله كدواء فإنه يشفيه من بعض أمراضه وبطريقة قد تعجز عنها المستحضرات الدوائية المماثلة لتركيبته , تختلف تبعاً لطريقة تناوله ووقت تناوله .
وفعالية العسل كدواء تتبع وقت تناوله وما هو المرض الذي يتوجه العسل من خلاله لمساعدة الجسم على القضاء عليه بالإضافة إلى أن المكونات الغذائية والدوائية الموجودة في العسل تتآزر مع بعضها وتتضافر وتتفاعل مع الخلية بحيث تجعل هذه المادة الغذائية ذات قيمة عالية لصحة الإنسان .
العسل دواء
تتنوع تركيبة العسل بين التركيبة الغذائية المميزة والمناسبة للكبار والصغار وبين التركيبة الدوائية المميزة أيضاً والملائمة لعلاج بعض الأمراض كأمراض الكبد وأمراض الجهاز الهضمي وبعض أمراض الجهاز التنفسي والأمراض الفيروسية ، وبعض الإصابات كالحروق ، وتركيبته أيضاً ملائمة للوقاية من الإصابة ببعض الأمراض كالبدانة والتخمة وأمراض اللثة والأسنان والتسممات الغذائية والميكروبية ، وبعض أمراض الدم والأمراض الجلدية ، بالإضافة إلى أن تركيبته المتنوعة تتعدى حدود معالجة الأمراض أو الوقاية منها فهو أيضاً له صفة حافظة للمواد الغذائية فهو يسمى الحافظ الأمين .
ويفيد تناول العسل الطبيعي في المساعدة على معالجة بعض أمراض الكبد والاختلالات الوظيفية الاستقلابية في متنه كالتهاب الكبد والاضطرابات الكبدية ، ويفيد تناول العسل الطبيعي في حالات أمراض الكبد المعدية الفيروسية والجرثومية كالإصابة باليرقان . كما يفيد تناوله أيضاً في إبطال مفعول السموم الداخلة إلى الجسم فالمواد الداخلة في تركيبته دافعة للسموم . ويفيد تناول العسل في معالجة فقر الدم الطفيلي أو المعدي أو السمي ، الناتج عن التسممات المختلفة ، وأيضاً فقر الدم الغذائي المنشأ .
ويساعد تناول العسل الطبيعي في اختلاف أنواعه على حل مشكلات النمو والضعف مثل ضعف الشهية للطعام والوهن والضعف الجنسي .
ويفيد تناوله أيضاً في معالجة الأمراض العصبية والعصبية العضلية كالتهاب العصب وآلام الأعصاب والشلل الخفيف والتنكرز والتنكس أو الضمور ، ويفيد في معالجة التعب الجسمي والعضلي والإرهاق الناتج عن الرياضة والنشاطات التنافسية وهو مضاد للتعب الناتج عن بذل الجهد المختلف ، فتناول العسل يسهل عملية الاستقلاب المنتظم للبروتين والكربوهيدرات والدهون في الجسم ، ويعيد تنشيط القدرة الوظيفية للخلايا الكبدية وخلايا الألياف العضلية ويستعمل العسل في حالات الإجهاد وضعف الوظيفة العضلية .
ويستخدم العسل الطبيعي في المساعدة على معالجة حالات الالتهابات ، ويستعمل بعد العمليات الجراحية للمساعدة على الشفاء وقبل الولادة وبعدها وأيضاً أثناء الحمل وقبل الحمل ، ويستعمل في حالات عسر الوظيفة الهضمية والمعوية وحالات التسمم الناتج عن المعالجة الطبية بالأدوية والأعشاب .. ويستعمل لتخفيف الآثار الجانبية للمعالجة الدوائية أو العشبية إن وجدت ، ويستعمل في حالات الانقطاع عن الطعام كحالات الصيام فينصح بتناوله على وجبة السحور ، ويستعمل عند الحمل وعند اتباع نظام حمية خصوصاً إذا كان سيئاً ويفضل الإكثار منه في الصيف لتلافي المشكلات السمية التي يمكن أن تظهر إذا تناول الإنسان طعاما فاسدا فهو يساعد على حالات التسمم الغذائي فهو طارد للسموم والأغذية التالفة من الأمعاء وأيضاً مضاد للسموم التي يمكن أن تمتص من لمعتها وتذهب لمجرى الدم ، ويستخدم في حالات الإفراط بتناول الطعام والتخمة .
آلية عمل العسل الطبيعي
يحتوي العسل في تركيبته على الفيتامينات ووجود هذه الفيتامينات مع بعضها في العسل يعطيه التركيبة المماثلة للأدوية المصنعة بل هو يتفوق عليها باحتوائه على مواد تساعد على هضم وامتصاص تلك الفيتامينات فهو يهيئ وضع الأمعاء لامتصاص محتوياته نظراً لتركيبته ويهيئها أيضاً لامتصاص المواد الغذائية المصاحبة له ويهيء الكبد لتفعيل استقلاب المواد الغذائية الداخلة في تركيبته وأيضاً المواد الغذائية الموجودة في الأمعاء في حال كانت صالحة لأن يستقبلها الكبد ، وأبعد من ذلك فإن تركيبة العسل كدواء تساعد مكوناته على أن تستقلب بكاملها وبسرعة داخل الجسم ، ويحتوي العسل الطبيعي على أملاح ومعادن ووجود هذه الأملاح والمعادن على شكل تركيبة علاجية ووقائية من الأمراض يجعل من العسل دواء يعالج وبجدارة بعض الأمراض ومن عدة اتجاهات وهذا عائد إلى أن مكونات العسل جميعها تتآزر لتعطي تأثيرا إيجابيا في العمليات الحيو – كيميائية لمختلف أجهزة الجسم وتعمل على إزالة السمية من خلاياه وتجدد وبسرعة نشاط الوظيفة الاستقلابية لأجهزة الجسم .
ويتميز فيتامين ب 12 الموجود في العسل بخاصية نفاذ سريعة من الزغابات المعوية وينتشر بسرعة داخل الجسم خلال الأنسجة ، إضافة لكونه يلعب دوراً مهماً في التركيب البروتيني والنووي للمركبات الحيوية التي يحتاجها جسم الإنسان وتحتاجها خلاياه ، كما يلعب دوراً في تركيب الدهون وفي استقلاب السوائل داخل الجسم ، ويلعب دوراً مهما في عملية تجديد خلايا الدم ويتمتع فيتامين ب 12 الموجود في العسل الطبيعي بأهمية كبيرة في كافة عمليات النمو والعمليات الغذائية لخلايا الجسم وأعضائه ، فهو يؤثر بصورة مباشرة في تركيب مادة مثيونين الداخلية المنشأ ( مضاد التأكسد الرئيسي في الخلية ) ويؤثر بصورة مباشرة في تركيب الحموض الأمينية والبروتينية الأساسية والتي يحتاج إليها جسم الإنسان خصوصاً في مرحلة المرض أو النقاهة أو الحمل أو العمل العضلي والعقلي ، كما يمتلك فيتامين ب 12 تأثيرا إيجابيا في كافة العمليات الاستقلابية للعصبونات ( الخلايا العصبية ) ، ويمتلك تأثيراً غذائياً في أغلبية النخاعين ( ميلين ) للألياف العصبية وعليه فإن فيتامين ب 12 الموجود في العسل الطبيعي مهم لعمل الخلايا والأعصاب فهو مهم لعمل الجهاز العصبي فهو منشط للأعصاب ، وعلاوة على ذلك يقي فيتامين ب 12 الكبد وبصورة خاصة في حالات الاضطرابات الكبدية ذات المنشأ السمي المعدي والفيروسي كما يعمل فيتامين ب 12 على الاستفادة المثلى للشحوم والبروتينات ، وتملك مادة السينكوبلامين ( فيتامين ب 12 ) الموجودة في العسل الطبيعي فعالية غير مباشرة ومضادة للتكلس في خلايا الكبد والخلايا الجسمية ترجع إلى تحريضها على تركيب المثيونين .
وفيتامين ب1 أو الثيامين الموجود في العسل الطبيعي يلعب دوراً مهما في الاستقلاب الكربوهيدراتي في خلايا الجسم وخلايا الكبد وينشط بشكل خاص تغذية العضلات والقلب ، ويتمتع بخاصية الانتشار السريع داخل الأنسجة بطريقة متناسقة ، ويشكل وجود هذه الثنائية الفيتامينية في العسل ( ب12 و ب1 ) قيمة علاجية كبيرة للحالات كالتهاب العصب والتسمم والأنيميا والهبوط العضوي .
أما فيتامين ب6 الموجود في العسل الطبيعي فيشارك كأنزيم مساعد في التفاعلات المختلفة لاستقلاب الحموض الأمينية وإلى جانب ذلك يتمتع ب6 الموجود في العسل الطبيعي بأهمية رئيسية في عمل الأنسجة الكبدية والجلدية والعصبية والأنسجة المولدة للدم ، والعوز لفيتامين ب6 يسبب فقر الدم والتنكس الشحمي للكبد كما قد يسبب الكبت المناعي .
وسكر الفاكهة ( الفركتوز ) الموجود في العسل عبارة عن مصدر للطاقة من الممكن لجسم الإنسان الاستفادة منه بسرعة لأن استقلابه يتم بشكل سريع عن طريق الكبد وعلى العكس من السكاكر الأخرى فإن استقلاب مادة الفركتوز لا يتحكم فيه الأنسولين ولا يغير من سكرية الدم وإذا كان المطلوب مادة فعالة قابلة للاستقلاب بسرعة وسهولة في الفركتوز الموجود في العسل الطبيعي .
ويتم امتصاص الفركتوز بسرعة من مجرى الدم ليتراكم في الكبد على شكل جليكوجين وجلوكوز مما يؤمن مصدر طاقة دائماً وفورياً لخلايا الكبد وبهذا يتم إيقاف العمليات الاستقلابية المتعاقبة مثل استقلاب الحموض الأمينية والشحوم والتي يمكن أن تسبب المزيد من المضاعفات للجسم وهذا ما يفسر فعالية العسل في إيقاف تغلغل السموم إلى الخلايا الكبدية والجسمية وبالتالي يساهم في إبطال مفعولها الضار بالخلايا الجسمية وينبغي أن نتذكر بأن تناول العسل الطبيعي يحسن من الهضم ويقلل من المفعول الضار للمواد الداخلة مع الأغذية إلى مجرى الدم على خلايا الجسم ويفيد تناول العسل الطبيعي في حالات الإسهال الناتج عن مادة سامة أو تسمم غذائي أو تناول أغذية تالفة ، ويفيد تناول العسل في معالجة حالات التخمة أثناء الإفراط في تناول الطعام ، وهذه خاصية تميز العسل عن باقي المواد الغذائية والدوائية .
الكالسيوم والمجنزيوم والبوتاسيوم والصوديوم الموجودة في العسل الطبيعي عبارة عن منحلات كهربائية في العسل ، لذلك فإن العسل يملك مفعول إعادة التميه إضافة للمفعول المضاد للحموضة . وهذه الفعالية ضرورية لمعالجة الأمراض التي تترافق مع الجفاف وزيادة لزوجة الدم وعسر الدورة الدموية.
وبهذا نجد أن العسل دواء من الأدوية وبتعدد المواد الداخلة في تركيبته تتعدد صفاته الطبية ، وسأذكر في بحث لاحق في ملحق الصحة والطب عن تكملة الفوائد الطبية للعسل الطبيعي ، وعن الفوائد الغذائية التي يتمتع بها وتميزه عن باقي أنواع الأغذية .
استهلاك العسل قديماً
أجمع الأطباء القدماء على أن أفضل ما يعالج به الإنسان هو العسل لما فيه من الجلاء والتقوية وجودة التغذية وتقوية المعدة وتشهية الطعام وكانوا يصفونه كدواء يفيد كبار السن وأصحاب البلغم ويعتبرون أنه يلين الطبع وينفع من عضة الكلب ومن أكل الفطر السام إذا شرب بماء حار أبرأ منه ويحفظ قوى المعاجين وغيرها ويحفظ اللحم طرياً لمدة ثلاثة أشهر والخيار والقثاء لستة أشهر ولذلك يسمى الحافظ الأمين ، وإذا لطخ به البدن نعمه وكانوا يستخدمونه كملين للشعر ومطول للشعر ويصفونه ككحل للعين يجلو ظلمة البصر والاستياك به يحفظ اللثة ويبيض الأسنان وكانوا يعتبرونه غذاء مع الأغذية ودواء مع الأدوية وشراباً مع الأشربة وحلوى وفاكهة مأمونة ، وبأن لعقه على الريق يغسل وخم المعدة ويفتح سدد الكبد والكلى والمثانة وبأنه لم يخلق لنا مأكول أفضل منه وبأنه يفتح ويدر ويحلل ويغسل وذكر بأن الرسول (ص ) كان يشرب كل يوم قدح عسل ممزوجا بماء.