تتكون دهون الأغذية اساسا من الغليسرين والاحماض الشحمية اضافة إلى سلسلة اخرى من المواد المكونة الأساسية مثل ا لفيتامينات الذائبة بالدهون ، الصبغات والمواد العطرية والمواد المضادة للتأكسد . والمقصود بالمواد المناهضة للتأكسد هي المواد التي تحفظ الشحوم من التأكسد بواسطة الأوكسجين مثل الكوليسترين . ولا تشكل المواد الإضافية ( المرافقة للدهون ) سوى 1% من مكونات الدهون الاعتيادية.
والدهون هي أغنى المواد الغذائية بالسعرات الحرارية اي بالطاقة حيث تمنح المواد التي تحوي 70 – 80 غم من الدهن ما بين 600- 700 كيلوسعرة من الطاقة . تشكل هذه الكمية من الدهن عند الإنسان الطبيعي 27 – 31% من الطاقة المستهلكة والمستمدة من الغذاء. وتقف الدهون جاهزة لاستخدام مختلف وظائف الجسم الاستقلابية بعد أن يتم هضمها وتمثيلها وخزنها. وترفع هذه الوظائف قيمة الدهون في الجسم إلى مصاف قيمة الكربوهيدرات بل إنها قد تأخذ مكان السكريات في بعض العمليات الاستقلابية .
عوضا عن ذلك فإن للدهون أو الشحوم أهمية كبيرة ايضا في صحة الإنسان بالنظر لجاذبيتها الغذائية للإنسان . فهي تثير شعورا سريعا بالشبع لدى الإنسان و تمنح الأغذية الغنية بها طعما مرغوبا إثر تفككها بواسطة الحرارة وهو ما يجرد الكثير من الناس من مقاومتهم أمام اطباقها.ويمكن للإنسان في المطبخ التفريق بين نوعين من الدهون : الدهون المرئية مثل الزيت والزبدة و الشحم والمرغرينة ، والدهون المستترة في النقانق و اللحم و الفطائر و الشوكولا.
المقلق في الأمر أن بعض المجتمعات الحديثة ما تزال تنظر إلى فصوص الشحم على اجساد النساء كمظاهر جمالية وتقدم افخر انواع الأطعمة الشحمية غلى العرائس بهدف تسمينهن وهي حالة شائعة تسمى في الطب بالتألي او تشحم الكفل Steatopygia. ولهذا فان عبء الشحم يثقل هموم النساء اكثر من الرجال بسبب وجود 8% من الشحوم في النساء أكثر من معدل الشحوم عند الرجال وهو ما يتلاءم مع مهمة الحمل و إنجاب الأطفال . وهذا يعني أن الجسد إلبشري يخزن من الشحم ما قيمته 120 ألف سعرة حرارية كطاقة احتياطية . وهناك علاقة وثيقة بين الشحم والهرمونات وتحتاج المرأة عادة الى مايقارب 16% من شحم جسدها كي تنتج ما يكفي من الهرمون الأنثوي الأستروجين. وتعمل بعض الهرمونات عكس ذلك فتحفز عملية خزن الشحوم وعمليات الاستقبلاب الأخرى في انسجة الجسم كما يحدث مع هرمون التيستوستيرون الذي يدعم النشاط العضلي ويكبر حجم العضلات.
واليكم محتويات بعض المواد من الشحوم علما أنها مقاسة الى كل 100 غم منها:
زيت الطعام . . اغم ، المايونيز 79 غم ، الزبدة 4 7 غم ، الجوز60 غم ، نقانق الكبد 40 غم ، النقانق الاعتيادية 50غم ، أصابع البطاطا 39 غم ، الشوكولاته 0 3 غم ، القشدة المخفوقة 0 3 غم ، المعجنات 0 3 غم ، بيض الدجاج 13 غم ، 1لتورتة بالبيض 19 غم ، الخبز 1 غم ، الخضروات عموما 2 ، . غم ،الفواكه 2، . غم ، البطاطا 11 . غم .
وتحتوي الدهون عادة على أحماض دهنية لها أهمية كبيرة في صحة الإنسان وحياته . وتنقسم الأحماض الدهنية الى أحماض مشبعة وأخرى غير مشبعة حسب عدد ذرات الهيدروجين التي تحتوي عليها في تركيبتها. فالأحماض الدهنية المشبعة هي أحماض مشبعة بذرات الهيدروجين كما يورد ذلك العلماء. أما الأحماض الدهنية غير المشبعة فتحوي عدة ذرتين ، أربع ، ست أو ثماني ذرات هيدروجين أقل من الاحماض المشبعة . و هذه هي الأحماض الدهنية غير المشبعة البسيطة أما الأحماض الدهنية غير المشبعة المعقدة او المتعددة فتحوي عددا من ذرات الهيدروجين تختلف عن الأرقام المذكورة أعلاه.
تقسم الأحماض المشبعة حسب حجم جزيئتها إلى أحماض تحتوي سلاسل قصيرة ، متوسطة وطويلة . وطبيعي فإن الجسم يتقبل ويكسر السلاسل المتوسطة من الأحماض المشبعة وينصح بها لذلك في بعض الحميات ( الريجيم ) وبرامج التغذية . وعموما ينصح الأطباء الإنسان بتناول القليل من الأحماض الدهنية المشبعة والكثير من الأحماض غير المشبعة وذلك بسبب اختلاف محتوياتها من الأحماض الدهنية اوميغا-3 والتي يعتقد أنها على علاقة وثيقة بخفض مخاطر الإصابة بأمراض القلب .
الأحماض الدهنية الأساسيه
يطلق على الأحماض الدهنية الاساسية اسم ” القوة الكامنة ” في الدهون وهي تسمية حقيقية لأن لهذه الدهون أهمية فائقة في حياة وصحة الإنسان . فالأحماض الدهنية الأساسية تدعم عملية إنتاج الأحماض الدهنية السداسية التي تحمل اسم بروستاغلاندينز المناهضة للالتهابات و تقلل من خطر التفاعلات الذاتية المنشط في الجسم ( تفاعلات تهاجم فيها الخلايا المناعية الأنسجة السليمة من الجسم ). وتعين ” القوى الكامنة ” في الوقاية من وعلاج الأمراض السرطانية ، أمراض القلب ، نقص المناعة ، العدوى والشفاء من التهاب المفاصل.
وهذا ليس كل شيء لأن الاحماض الدهنية الأساسية تعين الإنسان في الخروج من كآبته وحالة الإعياء التي يعاني منها، تحسن مظهر ولون الوجه ، والأهم من كل ذلك ، وما يخص الكثير من الناس ، أنها تبطيء عملية تقدم العمر. ومشكلة الأحماض الدهنية الأساسية انها لا تتوفر بكثافة في الشحوم الاعتيادية التي يتناولها الإنسان وهو مصدر الحاجة الى تناول هذه الأحماض بشكل مستحضرات وعقاقير.إن نقص الأحماض الدهنية الأساسية يخلق للإنسان مشاكل صحية جمة تتعلق بطول فترة حياته سنأتي عليها لاحقا.
والأحماض الدهنية الاساسية هي مواد غذائية اساسية للإنسان كما هو الحال مع الفيتامينات والمعادن . تم اكتشاف الأحماض الدهنية الأساسية من قبل العلماء في الخمسينات إلا أن اكتشاف أهميتها بالنسبة لصحة الإنسان استغرق عقدين إلى ثلاثة . وحينها اعترف العلماء بان الإنسان غير قادر على الحياة دون هذه الأحماض الدهنية التي يحلو للبعض تسميتها بالفيتامينات الدهنية وأن جمهرة كبيرة من الناس تعاني من نقص هذه الاحماض إلا أن أعراض هذا النقص غير ظاهرة للعيان . والحقيقة أن الأحماض الدهنية الأساسية تشكل اجزاء هامة من الخارطة الصحية للإنسان ويتسبب نقصها بإصابة الإنسان بمختلف الأمراض مثل : التهاب المفاصل ، تليف الشرايين ، 1لسرطان ، ارتفاع سكر الدم ، اضطراب نظام المناعة والعديد من الأمراض الأخرى المرتبطة يتقدم السن .
تكوين جدران الخلايا
يحتاج الانسان الى الاحماض الدهنية الاساسية لصناعة جدران الخلايا والاحماض الدهنية السداسية بروستاغلاندينز وهما عاملان هامان يقرران مدى صحة الانسان ومناعته وتتعذر بدونهما عملية تجديد الخلايا وحماية الجسم من الامراض . وتلعب جدران الخلايا دورا هاما في حماية محتويات الخلية ومجريات ظائفها كما تقرر متانة الاعضاء التي تكونها وتبادل المواد بين داخل وخارج الخلية.
وتتعرض جدران الخلايا باطراد الى الهجمات الخارجية والجروح لكنها تجدد نفسها باستمرار بما يمكنها من السماح بنفاذ المواد الغذائية الى الخلية وتسريب الفضلات الى الخارج . وكي تؤدي جدران الخلايا وظائفها المذكورة فانها بحاجة دائمة الى وقود نسميها الاحمافى الدهنية الاساسية . وعلى هذا الاساس يمكننا تصور ما قد يحدث مع الخلايا حينما تضطرب مهمات الجدران بفعل نقص الاحماض الدهنية .من ناحية اخرى فان تناول الاحماض الدهنية بشكل كاف يضمن ليس بناء الخلايا المناعية بشكل متين وانما عملها بفعالية اكبر ايضا.
انتاج بروستاغلاندينز
ويكون جسم الانسان عادة بحاجة الى الاحماض الدهنية الاساسية بهدف انتاج مواد كيمياوية شبيهة بالهرمونات اسمها البروستاغلاندينز. وهي مواد تشبة في تركيبتها الاحماض الدهنية الى حد كبير عدا عن ” عقدة ” من ذرات الكربون تشكل عمودها ا لفقري . و لهذه البروستاغلاندينز ( تسمى يضا ايكوسانويد
) اهمية فائقة وتأثير كبير على العديد من الوظائف الفيزياوية الهامة مثل : نبض القلب ، ضغط الدم ، تخثر ا لدم ، الخصوبة وغيرها. وتعمل البروستاغلاندينز في زوجين عادة حيث يعمل الاول على تحفيز عملية ما ويتولى الثاني كبتها.
والبروستاغلاندينز مهمة في مجالي تعزيز عملية تجديد الخلايا وفي الكفاح ضد الامراض لانها تنظم عملية الالتهاب . والالتهاب هو القاسم المشترك الاعظم لكافة الاضطرابات المناعية سواء كانت عدوى ، حساسية او مناعة ذاتية. وعلى هذا الاساس فهناك يروستاغلاندين موجب يعزز الالتهابات الصحية (التئام الجروح كمثل ) وبروستاغلاندين سلبي يمنع الاستجابة الالتهابية من الانفلات .
اعراض نقص الاحماض الدهنية الاساسيه
يمكن لاعراض نقص الاحماض الدهنية ان تظهر في اي مكان وباي شكل طالما انها تتعلق بضعف المناعة واضطراب تنظيم الالتهابات . اذا اصابت الاعراض الجهاز الهظمي كمثل فانها سمتتبدى بشكل امساك ، انتفاخ ، عسر هظم ، التهاب القناة الهظمية او الحساسية تجاه الاغذية.اذا تركزت على الجهاز العصبي فان الانسان يعاني من : جمود الحس ، الكآبة والنسيان . هذا اضافة الى بعض الاعراض الخارجية ايضا مثل جفاف البشرة ، تشقق الاظافر و جدب الشعر.
وطبيعي فان مثل هذه الاعراض يمكن ان تنجم عن جملة من الامراض الاخرى والمتاعب الصحية وهو ما يجعل تشخيص نقص الاحماض الدهنية في غاية الصعوبة . كما ان هذه الاعراض خافتة عموما وتختلف في شدتها وظهورها بين شخص واخر ويفشل الاطباء غير المتخصصين بامراض التغذية في تشخيصا سبابها .
الاحماض الدهنيه الاساسية اوميغا- 3ربطت العديد من الدراسات الحديثة بين نقص الاحماض الدهنية الاساسمية اوميغا- 3 وبين مخاطر الاصابة بامراض القلب . ويعزو بعصض ا لباحثين ندرة اصابة اسكيمو الانويت بامراض القلب الى تغذيتهم الغنية بالاحماض الدهنية . كما ان نسبة الكوليسترول في دماء الانويت تنخض كثيرا عن نسبتها بين ملتهمي لحم البقر من الاميركان . وهذا ليس كل شيء لان نسبة الاصابة بالسرطان لديهم تنخفض كثيرا عن المعدل الاميركي ، وضغط الدم العالي غير شائع ،البدانة والتهاب الفاصل من الحالات النادرة بينهم ، اما سكر الدم فغير معروف . وكل هذا رغم نسبة الشحم العالية في غذاء الاسكيمو ، ولذلك يعزو العلماء اسباب هذا الوضع ا لى الاحماض الدهنية الاساسية اوميغا-3 .
تتواجد الاحماض الدهنية اوميغا-3 في اسماك المناطق الباردة وفي لحوم الحيوانات التي تتغذى على هذه الاسماك . وهنا يعمل حامض ايكوسابنتينويك Eicosapentaenoic Acid (EPA)مع حامض Decosahexaenoic Acid (DHA)على تخفيف الدم وخفض مستوى الكوليسترول و ثلاثي الغليسريد ورفع مستوى الكوليسترول ” الطيب HDL في ذات الوقت . يساعد EPA على توسيع الاوعية الدموية ويقلل بهذه الطريقة خطر الاصابة بالازمات القلبية . وتعمل الاحماض الدهنية الاساسية اوميغا-36 في ذات الوقت بمثابة عامل مقاوم للالتهابات عن طريق تحفيز عمل المواد الشبيهة بالهرمونات التي نطلق عليها اسم بروستاغلاندينز. وثبت ان للاحماض الدهنية اوميغا-3 اهمية في علاج الذأبة Lupus وا لتهاب المفاصل الرثياني وان عملها يتحسن اكثر اذا تم استخدامها سوية مع حامض دهني اوميغا-6 اخر هو Gamma Linolenic Acid.
وتركز الدراسات الحالية على كشف منافع الاحماض الدهنية اوميغا-3 فتم التوصل الى ان زيت الكبد يعمل على خفض ضغط الدم وخفض بروستاغلاندين التهابي خاص اسمه ثرومبوكسان . ويحث ثرومبوكسان لويحات الدم على التخثر اوالتجلط كما يلعب دورا في تخثير الدم داخل الاوعية الدموية وجهاز الدوران ككل . وتعمل الاحماض الدهنية اوميغا-3 ايضا على خفض البروتينات الشحمية التي تحمل الكوليسترول والتريجليسريد الى انسجة الجسم . ويعتقد انها ترفع ايضا مستوى البروتين الشحمي في الدم وهو المادة المسؤولة عن ازاحة الكوليسترول عن انسجة جسم الانسان.