جميعنا يعلم بأنّ نوع ونمط التغذية قد يؤثران على الحمل وصحة الحامل كما وصحة الطفل .إنما ما لا نعلمه تماماً هو أن قلة أو سوء التغذية قد تؤدي بدورها إلى قلة أو سوء خصوبة !
والآن . إذا ما اكتشفنا أيضاً بأنّ اضطرابات السلوك الغذائي تثير اضطرابات في المبيض لدى المرأة .. قد نربط بسهولة ما بين قلة التغذية وحالات قلة الخصوبة المتزايدة في عصرنا هذا !
وهذا ما فعله الخبراء والباحثون في المجال . سعياً لتصحيح الخلل الغذائي ليس فقط لتسهيل حدوث الحمل إنما وأيضاً كي يتمّ بأمان وسلام !
عندما يختل الميزان ! :
ما هي العوامل التي تؤثر سلباً على محور الغدد التناسلية كما بوسعها إفساد عملية الإباضة ؟ اللائحة طويلة : عوامل محيطية . كالتغذية .ارتفاع معدّل النشاط الرياضي. التوتر القلق الشديد .. إنما وفي طليعة هذه العوامل نجد : توازن ميزان الطاقة أو التوازن الطاقي الحراري في الجسم .في الواقع الآليات التي تربط ما بين الاضطرابات الغذائية وبين إضرابات الإباضة عديدة وغالباً ما تتداخل في ما بينها . إضافة تأتي عوامل أخرى لتتدخل في التوازن الطاقي مثلاً : انخفاض الوزن . مخزون شحميّ ضئيل . اضطرابات في السلوك الغذائي ( صيام انتقاء أطعمة دون أخرى وازدياد الإنفاق الحراري إثر فرط النشاط البدني ( رياضة مكثفة ، حركة مستمرة …)
ثمة سقف دقيق للوزن والكتلة الدهنية الأساسيين للحفاظ على سلامة الوظيفة التناسلية الطبيعية. وهذا ما تم إثباته في خلال العديد من الدراسات .
نقص الوزن غير مربوط دوماً بعدم انتظام دورة الحيض بل يعتبر عامل ضعف أن هشاشة وليس سبباً بحدّ ذاته . على سبيل المثال. لدى الفئران المخبرية يبدو بأن التوفر العام للآليات الأيضية . أهم منه الوزن إعاقة عملية أكسدة الأحماض الدهنية ( وذلك العقاقير ) وانحلال السكر ( ( Glycolysis تشل الودق (Oestrus) وقدرة التناسل . في الإطار عينه يتأثر الفأر الهزيل سلباً بالصيام . أكثر منه الحيوان الأكبر حجما.
هذه المعطيات تلمح إلى ما يلي :
يشجع المخزون الشحمي الدورة النزوية لدى الحيوان .
إنما بوسع حصص طاقية كافية للحفاظ على قدرة التناسل لدى الحيوانات حتى ولو كان المخزون ضئيلاً بمعنى آخر : المعيار الأساسي هو التوازن الطاقيّ . في الواقع لدى المرأة التي تتمتع بوزن طبيعي ولا تعاني من خلل في الإباضية لا تؤثر 72 ساعة من الصيام على دورة الحيض في حين أنها تؤدي إلى اضطرابات في الدورة مع عدم إباضة لدى المرأة الهزيلة ( كتلة دهنية ما دون الـ % 20 ).
تكثيف النشاط الرياضي غير مستحب :
غالبا ما تسجل اضطرابات في الدورة الشهرية لدى المرأة التي تمارس نشاطاً رياضيا مكثفاً : على سبيل المثال : بطلات الرياضة : المشاركات في سباق الماراتون . هواة الجمباز والرقص في الواقع . تجتمع عدة عوامل لتعيق الوظيفة النخامية الوطائية (Hypothalamo- hypophyso- ovarian) كثافة التمرين . درجة التوتر . تراجع الكتلة الدهنية وبعض التصرفات الغذائية لدى الرياضية التي تعاني من تقطع في الحيض غير متكيفة مع حاجاتها . فهي تستهلك اللحوم الحمراء والمواد الدهنية بقدر أقلّ مما قد تستهلكه الرياضية القوية التي تتمتع بدورات شهرية منتظمة .
هل نبدّل العادات الغذائية ؟:
قد لاحظ الخبراء فترات صيام متكررة لدى الشابات المصابات بقلة الشهوة للطعام أو اللواتي يعانين من سلسلة متواصلة من النهام فالحرمان من الأطعمة .. هذه الظاهرة كفيلة بزيادة شلل الغدد التناسلية . بحسب العديد من الدراسات : اللواتي يعانين من تقطع وطائي وظيفّي في الحيض ((FHA . يتبعن تغذية غنية بالألياف إنما فقيرة بالدهون كذلك الأمر بالنسبة للنباتيات ( ممّن يتبعن من تغذية تقتصر على المواد النباتية فحسب).
عملياً . سوف تحدّد عدّة عناصر . المصدر الغذائي لقلة أو عدم الخصوبة : وزن ما دون المعدّل الطبيعي أي مؤشر الكتلة الجسمية ( (BMI ما دون الـ 20 كلغ / متر مربع . مرفق بعدم انتظام دورات الحيض .
بغية تشخيص الحالة يطرح الاختصاصيّ سلسلة من الأسئلة تسمح بتقييم الحصص الطاقية وتحديد أو اكتشاف نوع من الانتقائية الغذائية ( استبعاد البروتينات الحيوانية والمواد الدهنية ) . من جهة أخرى . يتم البحث عن تقلبات في الوزن وعن فرط محتمل في النشاط الرياضي . أما الفحص السريري فيحدد الوزن الطبيعي لا ينفي وجود خلل في السلوك الغذائي . بالمقابل سرعة التأثر بالبرد ووجود اضطرابات محركة وعائية عند مستوى الأطراف نذير قصور في الطاقة في الحالة هذه ، قد يتم اللجوء إلى قياس معدلات الهرمونات.
العلاج الأمثل يستند إضافة إلى تنشيط محتمل للمبيض على احتساب اضطرابات السلوك الغذائي وعلى تصحيح الأخطاء الغذائية . غالباً ما يسمح الشرح المسهب للمريضة عن عواقب عاداتها الغذائية على الخصوبة مثلاً . ووجود اتباع النصائح الغذائية المناسبة ( زيادة الحصص الحرارية إدراج المواد الدهنية والبروتينات الحيوانية ضمن التغذية اليومية ..) باستعادة عملية الإباضة تلقائياً . قد تساهم المتابعة النفسية المرفقة بتقنيات الاسترخاء في تسهيل وتقبل المريضة للتعديلات المطلوبة في نمط حياتها اليومي .
في الواقع . يدّل مجموع المعطيات الواردة حتى الآن على ما يلي:
الوزن . تركيبة الجسم توزيع النسيج الشحميّ الحصص الغذائية والتوازن الغذائي تؤثر وبشكل هام على الخصوبة لدى المرأة بالتالي . من الضروري والحيوي متابعة هذه الاضطرابات أو التشوهات عن كثب كما واستباقها لضمان سهولة الإخصاب وسلامة الحمل لاحقاً .
اضطرابات لا تستثني المرأة البدينة :
هل تعلمون بأنّ البدانة وخاصة كثرة الشحوم في موقع البطن . مربوطة في معظم الأحيان باضطرابات دورة الحيض : تفسير هذه الظاهرة متعدد العوامل تشوهات في إفرازات الغدد المنشطة ازدياد إنتاج منشطات الذكورة ( (Androgen تعديلات في أيض المواد الستيرويدية فرط الأنسولين ..
في الواقع تحديد مناطق النسيج الشحمي بمثابة عامل حاسم: لدى المراهقة البدنية تربط التشوهات الهرمونية بتوزيع النسيج الشحمي أكثر منه بالوزن من جهة أخرى . من غير النادر أن نجد لدى المرأة التي تعاني من قلة خصوبة . ظاهرة مبيض متعد التكيسات كما توزيعاً ذكرانياً ( (Android للشحوم ( مرفق بمقارنة للأنسولين ) في آن واحد .
مؤخراً .أكدت عدة دراسات أهمية استعمال مواد حسّاسة على الأنسولين بالتزامن مع المتابعة الغذائية .
في أي حال لدى المرأة البدينة . قد تساهم خسارة الوزن إيجاباً في تحسين الخصوبة عبر تصحيح الدورة الشهرية تلقائياً.
من جهة أخرى من الأفضل أن تخسّ المرأة البدينة للحدّ من أضرار الوزن الزائد على صحتها وصحة الجنين خلال الحمل .
لا ننسى بأن البدانة مربوطة باحتمال ظهور السكرّي خلال الحمل ، بضخامة الجسم (Macrosmia) وارتفاع نسبة الجراحات القيصرية …