هل الأعشاب دواء ؟
قبل الاستعجال والذهاب لإبتياع الأعشاب ، مهما كان نوعها أو ربما الإسراع إلى قطفها من الطبيعة مباشرة .. يجب أن يطرح كلّ منا السؤال التالي : ” هل الأعشاب صحية وخالية من أي خطر ” ايّانا أن نستعجل أيضاً ونجيب ب ” نعم ” بشكل مطلق ! لم ؟ لأن أشهر وأفعل السموم التي عرفتها البشرية منذ القدم وحتى اليوم عبارة عن أعشاب ونبات !!
لهذا السبب تحديداً ، نحذر من اقتطاف البقدونس البري .. فقد نخلط ما بينه وبين الشوكران أي أخطر السموم ، كون الشكلين يتشابهان للغاية . كذلك الأمر بالنسبة لفطر ” الأمانيتا ” .. أتعلمون مثلاً بأن هذا الصنف يعرف ب ” قبّعة الموت ” ؟ التسمية هذه كفيلة لوحدها بتأكيد سموميّته ! وبالتالي يجب ألا نقطف الفطر من البراري ما لم نكن قادرين على تمييزالأصناف الجيدة من الضارة !!
ويبقى السؤال : هل الأعشاب الطبية سليمة وصحية ؟؟ نجيب بكل موضوعية ، تكون معظم الأعشاب الطبية صحية لمعظم الناس في معظم الوقت شرط أن .. ! تتخذ وفق الكميات الموصى بها .
دعونا لا ننسى بأن الأعشاب الطبية تحتوي مكوّنات فاعلة ، تمارس تأثيراً دوائياً على جسم الإنسان ، وكما نعلم ، كل دواء قادر على تسبب ضرر نسبي : أعراض جانبية ، ردود فعل أرجيّة .. كما على التفاعل مع أدوية أو أعشاب أخرى .
الخلاصة ؟
بشكل عام يمكن اعتبار الأعشاب أسلم من الأدوية إنما ، قد تسبب الأذى لذا ، يجب توخي الحذر في أثناء استهلاكها !
– الأعشاب الطبية ضحية المفاهيم الطبية !
للأسف ، نجد الأعشاب اليوم تقع ضحية معيار مزدوج ، يعتقد الأطباء كما العامة بأن الأدوية والعقاقير أكثر فعالية منها الأعشاب ، كونها تخضع لإدارة وإشراف منظمة الأغذية والأدوية ( FDA) ) إنما ، وفي العديد من الحالات قد بالغت المنظمة المذكورة في وصف مزايا بعض الأدوية الصحية !
في الواقع ، تلزم المنظمة شركات الأدوية بإجراء اختبارات سريرية لتأكيد سلامة وفعالية الأدوية الجديدة ، لكن معظم الإختبارات هذه لا يطال سوى بعض آلاف الأشخاص والحالة هذه ، ماذا عن الأعراض الجانبية التي تطال شخصاً واحداً على 10 آلاف أو على 50 ألفاً أو ربما مليون ؟ فهي لن تظهر إلا ما بعد انتشار الدواء !
قد لا تخضع الأعشاب الطبية للإشراف الدقيق كما هي حال الأدوية لكنها تتمتع بميزة أكبر هي تملك تاريخاً أطول في مجال الاستهلاك من عقود ، قرون أو حتى ألفيات ! وعليه ، فقد صمدت إزاء اختبار الزمن عينه !
إنما ، ومن حين إلى آخر ، نجد إحدى الأعشاب القديمة تثير الشكوك والمخاوف ، على سبيل المثال ، القلويات المتواجدة في عشبة آذان الحمار قادرة على إيذاء الكبد ! لكن هذا النوع من الإكتشافات يبقى نادراً وضئيلاً ، مقارنة بالأعراض الجانبية المحتملة لبعض الأدوية الحديثة والمؤيدة من السلطات الصحية !
قد تحدثنا عن معيار مزدوج إليكم جانب آخر منه لا ينفك يلف ” سلامة ” و ” صحة ” استهلاك الأعشاب وسائل الإعلام ! فهي تميل إلى التساؤل حول سلامة الأعشاب كما تبالغ في وصف مخاطرها المحتملة ، ذلك لأن الأعشاب أقل شهرة منها الأدوية والعقاقير بالنسبة لغالبية خبراء الصحة والذين تستقي الإعلام معلوماته منهم ! وبالتالي ، لا تركز العناوين الأولى على مخاطر تناول الأدوية إذا ما وجدت ، بقدر ما قد تركز على سيئة واحدة صغيرة قد خلفها أو يخلفها استهلاك الأعشاب !
من جهة أخرى ، من الطبيعي أن تبرز مشاكل جديدة كلما استهل المزيد من الأشخاص والذين يعانون من مجموعة أكبر فأكبر من الأمراض المختلفة ، استعمال أعشاب علاجية ، وتحديداً بالتزامن مع الأدوية ، التفاعلات بين عشبة القديس يوحنا ( جون ) والأدوية المعيقة للأنزيمات البروتينية خير دليل . بالتالي يجب توخي الحذر والدقة في استعمال الأعشاب ، خاصة لدى الأشخاص الذين يتخذون أدوية أخرى لمعالجة حالات أو أمراض مزمنة إنما بشكل عام ، الأعشاب الطبية ألطف وأقل ضرراً منها الأدوية والعقاقير .
– جرعات وكميات غير دقيقة
في الواقع ، استعمال الأعشاب كعلاج لا يخلو من الخطر نظراً لعدم وضوح الجرعة أو الكمية ، من ملعقة صغيرة إلى ملعقتين صغيرتين من الأعشاب المجففة في فنجان من الماء المغلي والمنقوعة لمدة 10 أو 20 دقيقة ، تنتج شراباً سائلاً يتمتع بمكونات لا يمكن تحديد درجة فعاليتها بالجرعات أو الكميات ! بالمقابل ، حين يتخذ الشخص الدواء ، يعي تماماً وبدقة كم من المكونات الفاعلة يتلقى !
منتقدو الأعشاب الطبية أصحاب وجهة نظر : فعالية العشب تعتمد على عدة عوامل ، تركيبة العشبة الجينية ، شروط الزراعة والنمو ، درجة النضوج وقت الحصاد ، مدة التخزين ، إمكانية الزغل وطريقة التحضير ، مثلاً : يحتوي فنجان القهوة ( السريعة الذوبان ) 65 ملغ من الكافيين في حين قد يحتوي مشروب الكابوتشينو ( القهوة بالقشدة والحليب ) أكثر من 300 ملغ !
إنما بالمقابل ، ما من أمر يضمن صحة استعمال الأدوية وعدد حالات الإنتحار المتزايد خير دليل على ذلك ، إضافة ، يعتمد تأثير الدواء على وزن الجسم ، كمية متوسطة من الدواء قد تخلف تأثيراً هاماً لدى النحيل ، أكثر منه البدين مثلاً . في الواقع ، يختلف الأشخاص كلياً وعليه ، تختلف ردود فعلهم إزاء الأدوية عامة ، يكفي قرص واحد من الأسبرين ( الخاص بالراشد ) للتخففيف من حدّة الصداع لدى الراشد ، إنما يحتاج بعض الأشخاص إلى 3 أقراص لهذا الغرض !!
بشكل عام ،تسبب الأعشاب كمية أقل من الأعراض أو التأثيرات الجانبية ، مقارنة بالأدوية ، فهذه الأخيرة شديدة التركيز وهي عديمة المذاق بالإجمال ، ما يسهل من إمكانية اتخاذ جرعة مفرطة منها ! بالمقابل مكونات الأعشاب الفاعلة أقل تركيزاً ومذاق معظمها أكثر مرارة ، ما يصعّب من الإفراط في الجرعة ! على الرغم من ذلك ، يجب أن يجيد الشخص الذي يستهلك أعشاباً علاجية ، كيفية تحديد كمياته وجرعاته بدقة .
– أسلم طريقة لاستعمال الأعشاب
مؤخراً ، تتوفر أعداد متزايد من الأعشاب الطبية ، بشكل خلاصات محددة ما يعني أن النبتة نمت من بذور أو نبتة نسيلة ( Clone ) شهيرة بإنتاجها معدّل معين من المكونات الفاعلة عقاقيريا ، من ثم تم حصد ، تخزين فتحضير النبتة تحت مراقبة دقيقة للحصول على معيار موحد .
ربما لا تتم مراقبة كميات الخلاصات المذكورة بالدقة التي تراقب فيها الأدوية المصنوعة أو المركبة في المختبرات ، إنما تعتبر الخلاصات المتوفرة في الأسواق اليوم مراقبة ومحددة أكثر منها الأعشاب الخام ( غير المعبأة ) بالتالي في حال أردنا ابتياع وصفات نباتية علاجية من الأفضل أن نختار الخلاصات المعبأة والمحددة الجرعات .
الخبر السارّ هو : لا داعي لأن تكون من محترفي جمع ودراسة الأعشاب أو أن نكون من الأطباء أو أصحاب الدكتوراه ، لنستعمل الأعشاب بطريقة صحية سليمة ، يكفي فقط أن نحصل على بعض المعلومات المحددة .
1- قبل اختيار أي عشبة ، دعونا لا نكتفي بالإصغاء إلى آراء الجيران والأصدقاء فحسب بل ثمة كتب علمية دقيقة تصنف كل عشبة ومزاياها كما الأعراض الجانبية المحتملة والأمثل يكون في أن نأخذ أي تنبيه أو تحذير على محمل الجد ، في حال وجود أدنى شك فلنمتنع عن استعمال العشبة المذكورة !
2- التدقيق في ” هوية ” الأعشاب واجب : فلنبحث عن المنتجات والتركيبات التي تورد أسماء الأعشاب باللاتينية ، أي جنسها وفصيلتها ، مثلاً : إسم الثوم باللاتينية ، آليوم ساتيفوم .
3- يجب احترام الكمية أو الجرعة الموصى بها وعدم تجاوزها البتة ! يعمل البعض بالمبدأ التالي : إن كان القليل من الأعشاب نافعاً ، فالمزيد سينفع الأكثر ، وهذا خاطىء للغاية ! فقد تم تحديد كميات وجرعات الأعشاب بناء على الأبحاث العلمية وقرون كاملة من الخبرة السريرية ، إذاً دعونالا نجازف بتجاوز الكمية الموصى بها ، حتى استعملنا وصفة جاهزة ( كالشاي ، أقراص أو صباغ . ) علينا اتباع التعليمات المدونة على بطاقة التصنيع بدقة .
4- يجب أن نحترم خاصيتنا ، يختلف الأشخاص بالكامل قد يكون أحدنا حساساً تجاه عشبة أو أعشاب أو ربما يطلق ردود فعل غير معهودة ، لذا عند استهلاك الأعشاب الطبية ، يجب التيقظ والتنبّه لأية أعراض جانبية غير محببة ، إسهال ، صداع ، حكاك ، أوجاع في البطن .. أو أي أمر خارج عن المألوف في حال ظهور أي أعراض مستغربة يجب التوقف عن تناول العشبة الطبية على الفور .
في الواقع ثمة أشخاص أكثر حساسية تجاه الأعشاب المذكورة ، الذين يعانون من حمى القش ( Hay fever ) أو أمراض مربوطة بحساسيات كالأكزيما أو الربو والذين عانوا سابقاً من داء الشري ( Hives ) أو اختبروا ردة فعل خطرة . في الواقع ، أول عارض يثير القلق هو : صعوبة التنفس ، والحالة هذه ، يجب الإتصال بفريق الإسعاف على الفور ، فقد يكون الوضع بالغ الخطورة .
5- يجب التنبه لردود فعلنا ،حتى ولو لم نكن نعاني من حساسية ، فقد تزعجنا عشبة أو أعشاب معينة ، يسمى الأطباء هذه الحالة بردة الفعل التلقائية ( Idiopathic ) تعني اللفظة الإنكليزية : ” لأسباب مجهولة ” ، أي فجأة وبلا أي مبرر ، قد نجيب سلبياً على عشبة ما حتى ولو كانت صحية وسليمة عامة . بالتالي علينا التنبه لجسمنا ، في حال ظهور أي إزعاج ، من الأفضل الإمتناع على العشبة المشبوهة واستشارة الطبيب .
6- من الأفضل الإستهلاك بكمية خفيفة ، في حال كنا في سن ال 65 وما فوق : كلما تقدم المرء في السن ، بات أكثر حساسية وعرضة لتأثيرات العقاقير ، إضافة ، غالباً ما يتخذ المسن أدوية أخرى ، الاستهلاك بكمية خفيفة من الأعشاب يحدّ من خطر تفاعلها مع الأدوية الأخرى إن وجدت ، أما في وقت لا حق ، فيمكننا زيادة الكمية تدريجياً .
ملاحظة :
· يجب على الحوامل والمرضعات توخي الحذر الشديد في حال استعمال الأعشاب فهذه الأخيرة قد تضر بالجنين أو المولود الجديد في حين لا تشكل أي مشكلة للشخص الراشد من جهة أخرى ، يحظر منح الأعشاب الطبية للأطفال ما دون سن العامين ، على الرغم من مفعولها اللطيف ، تلك الأعشاب لا تناسب الصغار في السن إنما ، ثمة استثناءات معدودة القرفة ، البابونج ، العنبية ، الزنجبيل ، وماء الشبت ( Dill Water ) إنما يجب توخي الحذر أيضاً في استعمالها . في حال منح الطفل عشبة ما ، من الأفضل تخفيفها بالماء وفق وزن جسمه ، كمية خلاصات الأعشاب المعبأة تناسب شخصاً راشداً يزن حوالي ال 75 كلغ ، وعليه ، يجب أن يتلقى الولد الذي يزن 25 كلغ ، ثلث جرعة الراشد .
7- يجب أن نتنبه لأي تفاعلات محتملة ، تحديداً إذا ما كنا نتخذ أدوية أو أعشاباً أخرى ( لعلاج حالة مزمنة ) : وإن كنا نتناول دواء مسيلاً للدم ( مضاد للتخثر ) كالأسبرين ، فلنتجنب إضافة الثوم إلى برنامجنا العلاجي ، إن كنا نتخذ مهدئات أو مضادات للإكتئاب من الأفضل أن نتجنب عشبة الكافا ( Kava ) كونها تحتوي مواد مهدئة .. والأهم يجب أن نفكر ملياً قبل الإنقباض على أي عشبة أو وصفة علاجية جديدة في السوق .
8- يجب التنبه لمؤشرات تسمم محتمل ، إذا ما عانينا من صداع ، غثيان ، إسهال أو اضطرابات في المعدة .. بعد ساعة أو ساعتين من تناول خلاصة الأعشاب ، فنلوقف العلاج فوراً ولنستشر الطبيب أو الإختصاصي في حال استمرار الأعراض .
ملاحظة : من المهم للغاية إبقاء الطبيب على علم في حال اتخاذنا أي علاج بالأعشاب تجنباً لأي تفاعل بين الدواء والأعشاب ) في حال كنا على وشك الخضوع لجراحة ما ، علينا التوقف عن تناول الأعشاب المضادة للتجلط قبيل أسبوعين على الأقل من إجراء الجراحة ، تشمل الأعشاب المضادة للتجلط الثوم ، الزنجبيل ، زيت زهرة الربيع ، الكركم ( Turmeric ) وعشبة الخلاف البيضاء ( White Willow ) .
-الأعشاب المشبوهة :
ثمة أصناف شعبية قد تسبب المتاعب أكثر من أخرى لذا يجب أن يجيد المستهلك تمييز كل عشبة وأن يستعملها بدقة وحذر من الأعشاب التي يمكن أن تتحول إلى ضارة :
أ – الأعشاب المنشطة :
هي الأكثر تسبباً بالمتاعب : كميات كبرى من عشبة الايفيدرا الصينية ( Chinese Ephedra ) قد تمارس مفعولاً شبيهاً بمفعول الأمفيتامين ( Amphetamine ) وبالتالي تضرّ بالقلب ، وأي كميات أخرى كبيرة من أي أعشاب المنشطة قد تثير أيضاً مشاكل هامة ، من الأعشاب المنشطة نذكر ، الجينسنغ وكل الأنواع التي تحتوي الكافيين ،: شاي ، كاكاو ، قهوة ، متي ( Mate ) وكولا ( Cola ) من الأفضل عدم تجاوز الكمية الموصى بها وفي حالة الأعشاب التي تحتوي الكافيين ، من الأفضل عدم تجاوز الكمية المعتادة وحذار من استهلاك صنفين أو أكثر من الأعشاب المنشطة في الوقت عينه فذلك يضاعف من تأثيرها .
ب- الأعشاب المسهلة و ( الملينة ) :
الصبر ( Aloe ) العوسج ، الكاسكارا والسنامكي ( Senna ) جميعاً تحتوي عناصر مسهلة شديدة الفعالية ، حتى مع احترام الجرعات الموصى بها ، قد تسبب هذه الأعشاب إسهالاً حاداً مرفقاً باضطرابات شديدة في البطن ، وفي حال استهلاك كميات أكبر منها ، قد يظهر إسهال نزفي إضافة إلى مجموعة من المشاكل الأخرى ، وعليه يجب عدم اللجوء إلى المستهلات الكيميائية سواء كانت من الأعشاب أو الأدوية إلا كحل أخير لعلاج حالات الإمساك ، أولاً ، يمكن أن نزيد حصتنا اليومية من الألياف الغذائية عبر تناول المزيد من الأطعمة اللبنانية وشرب المزيد من السوائل وممارسة الرياضة ، وما لم ينجح ذلك يمكن اللجوء إلى مكملات من الألياف ( اختيار حبوب النخالة للفطور ) ، أو عشبة البسيليوم الغنية بالألياف ( Fiber-rich psyllium ) وما لم يكف كل ذلك ، يمكن عندها تجربة السنامكي ، إنما وفي حال احتجنا استعمالها أكثر من مرة في الأسبوع ، فمن الأفضل أن نستشير الطبيب .
ج- الأعشاب المهدئة والمنومة :
شأن فرط التنشيط قد يكون فرط التنويم خطراً للغاية ، تشمل الأعشاب المهدئة والمنومة ، البابونج ، الكافا ، اللاوندة ، زهرة الآلام ، الناردين النعناع البري ، حشيشة الدينار ( Hop ) وبلسم الليمون .
حذار من استعمال أكثر من عشبة في آن ، أو نقعها أكثر من دقيقة أو اثنتين ، كما علينا تجنب تناول أي من الأعشاب المذكورة بالتزامن مع أدوية مهدئة أو منوعة أو أصناف كحولية .
هل يمكن أن نحضر الأعشاب بمفردنا ؟
أو ليس من الأسهل أن نفتح علبة أو قارورة بلاستيكية ونبتلع بعض أقراصها ؟؟ في عصرنا السريع هذا ، ستكون الإجابة ” أجل : لا محالة ! ولكن مسألة تحضير الأعشاب ليست مستحيلة ، صعبة ؟ ممكن ولكن لا تدعنّ هذا يربككم !
في الواقع ، إذا ما ابتعنا منتجات صناعية معبأة وجاهزة ( خلاصات محددة الجرعات ) لن تكون عملية تحضيرها أصعب منها تحضير فنجان من الشاي ! جلّ ما علينا هو اتباع التعليمات المدونة على بطاقة التصنيع .
- تجفيف الأعشاب :
من الممكن استهلاك بعض أصناف الأعشاب الخاصة بالطهو ( والتي تحمل منافع طبية ) وهي طازجة ، إنما قد أجمع خبراء الأعشاب على مبدأ الاستهلال بأعشاب مجففة كون تخزينها وتوضيبها أسهل وهي لا تتلف أو تتعفن سريعاً ، في الماضي ، كان أجدادنا يعمدون ببساطة إلى ربط معظم الأعشاب على شكل باقة ، من ثم يعلقونها في مكان جاف ، دافىء وظليل ، إلى أن تصبح سهلة التفتيت أما الجذور ، فكانت تُغسل ، تفصل عن بعضها البعض من ثم تصف على صينية نظيفةفي الواقع ، مازالت طريقة التجفيف التقليدية هذه رائجة حتى اليوم : بعض المتاجر تبيع الأعشاب على شكل باقات مجففة ، إنما للتجفيف التقليدي سيئتان :
1- غالباً ما يتطلب مساحة أكبر منها التي يملكها البستاني .
2- تحتاج العملية الوقت الطويل من عدة أيام إلى عدة أسابيع لتجفيف بعض الأوراق ، السويقات والأزهار وأحياناً حتى العديد من الأشهر لتجفيف القشر أو الجذور .
حفاظاً على الزيوت العطرية السريعة التبخر والموجودة في عدة أعشاب ، كلما قصرت مدة التجفيف ، كان أفضل ، لهذا السبب تحديداً يستعمل معظم منتجي الأعشاب المصنعة معدات خاصة لتجفيف الأعشاب .موقع طرطوس
ثمة طريقة سهلة لتجفيف الأعشاب في المنزل نضعها على طبق ( خاص بالخبز ) في فرن حرارته من 95 درجة فاهرنهايت ) F ْ 95 ( هذه الطريقة مناسبة وغير مكلفة إنما ، تبقى سيئة واحدة ، لا يسخن العديد من الأفران بالمستوى عينه ، إذاً قد تستشيط بعض المواد في حين تبقى أخرى رطبة . - صناعة بودرة الأعشاب
متى جفت الأعشاب يعمد جامعها عادة إلى سحقها أي تحويلها إلى بودرة ، كونه أكثر الأشكال عملية في الماضي ، كان جامع الأعشاب التقليدي يصنع البودرة بواسطة المدقة والهاون ( المهراس ) وهي وسيلة مازالت نافعة لمن يريد تحضير كمية صغيرة من الأعشاب ثمة طريقة عصرية أكثر : استعمال مطحنة البن الكهربائية ( Electric coffee grinder ) . - تخزين وتوضيب الأعشاب :
صدق أو لا تصدق ! النور عدو الأعشاب الأول إذ يتلف نكهتها كما قدراتها العلاجية ، هذه المعلومة بمثابة صدمة لمن اختار حفظ التوابل والبهارات في أوعية وحقق زجاجية ! إما عدو الأعشاب الثاني فهو الأكسجين .
إذا ما أردنا الحفاظ على مكونات الأعشاب الدوائية يجب أن نخزنها في أوعية أو حقق مقفلة مصنوعة من السيراميك أو الزجاج المطلي الأكمد ( غير المنفذ ) والأهم : أن نملأها حتى الأعلى بغية تقليص كمية الأوكسجين فيها ،مع استهلال استعمال الأعشاب ، من الأفضل أن نضيف حشوة من القطن ، للحؤول دون تسرب الأوكسجين إلى داخل الوعاء .
إذا ما تمّ حفظها بعناية ودقة ، تبقى الأعشاب العطرية شأن الصعتر ، إكليل الجبل ، المريمية فعّالة لأكثر من عام ، أما الأخرى غير العطرية كالفصفصة والاوفا أورسي ، فتدوم لوقت أطول. من العوامل المتلفة للأعشاب ، نذكر أيضاً : الرطوبة والعفونة ، إذا ما ابتلت الأعشاب خاصتنا ، يجب أن نعاود تجفيفها سريعاً للحؤول دون نموّ العفن ، لحشرات قد تضر أيضاً بالأعشاب ، في الواقع ، يقتل التجفيف عدّة طفيليات إنما ، علينا التنبه لأي مؤشر تفشي .. وعليه ، إبقاء الأوعية مقفلة بإحكام . - ·طرق تحضير الأعشاب
عادة ، يتم استعمال الأعشاب على شكل نقاعات ، خلاصات مغلية ، أصبغة ، أقراص ، زيوت للدهن وضمادات ، من الممكن أيضاً إضافتها إلى ماء الإستحمام .
– نقاعات الأعشاب : النقاعات عبارة عن خلاصات من الأعشاب الطبية تغلى في الماء مع أزهارها ، وأوراقها وسويقاتها ، يستعمل بعض جامعي الأعشاب لفظة : نقاعة ” كما يستعمل لفظة ” شاي ” لكن الإثنين مختلفتان للغاية في الواقع يتم تحضير النقاعات كما يحضر الشاي إنما تنقع هذه الأخيرة لوقت أطول وبالتالي ، تشتد فعاليتها أكثر .
في الواقع ، تحتاج وصفة النقاعة التقليدية عادة إلى نصف أوقية أو أوقية واحدة من الأعشاب المجففة ، تنقع في 0,57 لتر من الماء المغلي لمدة تتراوح بين ال 10 و ال 20 دقيقة ، من ثم تتم تصفيتها ، إنما ، لا تبقى النقاعات صالحة لوقت طويل ، وبالتالي يجدر تحضيرها وفق الطلب .
عامة يوصي خبراء الأعشاب بملعقة صغيرة وصولاً إلى ملعقتين صغيرتين من الأعشاب المجففة لكل فنجان من الماء المغلي ( مع مدة النقع المذكورة سابقاً )
من الممكن استعمال أعشاب طازجة عوضاً عن المجففة لتحضير النقاعات ، تكفي مضاعفة كمية الأعشاب المستعملة ، في الواقع تحضير النقاعة قد يكون علاجاً بقدر تناولها ! يمكن استنشاق الأبخرة الدافئة المتصاعدة في خلال عملية النقع فهي كفيلة بمعالجة انسداد الأنف ، والتخفيف من أعراض الزكام ، الأنفلونزا ، السعال ، التهاب القصبات كما الحساسيات . مع استنشاقنا الأبخرة فلنغمض عينينا ونتخيل جهاز مناعتنا يجارب مرضنا ويحسن من حالتنا !
أثبتت الدراسات بأن تصورات تأملية كهذه تنشط جهاز المناعة وتزيد من فعاليته في محاربة العديد من الأمراض . - – الخلاصات المغلية :
هي تشبه النقاعات لكنها تستخرج من الجذور والقشر ، مقارنة بالأزهار ، الأوراق والسويقات ، تتأخر الجذور والقشر في تحرير عناصرها الفعّالة بالتالي عوضاً عن النقع ، نصب الماء في وعاء نخفف درجة حرارة النار ونسخن بلطف الأعشاب المجففة لمدة تتراوح بين ال 10 وال 20 دقيقة من ثم ، نعمد إلى تصفيتها .
– الصباغ :
هو عبارة عن خلاصة مصنوعة بالخلّ الفاتر عوضاً عن الماء ، شديد التركيز ، يسهل حمله أكثر منه الأنواع الأخرى من الخلاصات ويبقى صالحاً لمدة أطول ( حتى عدّة أعوام )
تحتاج الوصفة العادية إلى أوقية واحدة من بودرة الأعشاب المجففة ، تنقع في 5 أوقيات من الخلّ الفاتر لمدة 6 أسابيع .
– بعض النصائح في صناعة الأصبغة :
1- يجب إقفال أوعية أو حقق أو قوارير الصباغ بإحكام .
2- من الأفضل دوين إسم العشبة المستعملة وتاريخ النقع على وعاء الصباغ ، وهكذا نعي تماماً إن مضت الأسابيع الستة .
3- فلنعمد إلى خصخصة المزيج كل 3 أو 4 أيام ، تسهيلاً لتسرب الخلّ إلى داخل مكونات العشبة .
4- يجب بقاء الأصبغة بعيدة عن أشعة الشمس المباشرة .
5- إن أمكن ، من الأفضل استعمال مصنوعة من الزجاج الداكن أوالمطلي للحدّ من الأضرار التي يخلفها الضوء .
6- لا نتعجبن إن تبدل لون الصباغ وهو يختمر فهذا أمر طبيعي .
7- كلما نقص مستوى السائل في الصباغ . فلنعمد إلى إضافة المزيد من الخلّ .
8- بعد مضي 6 أسابيع يمكننا تصفية العشبة إن أردنا ، يوصي العديد من خبراء الأعشاب بذلك لكنه غير أساسي .
9- فلنحفظ الأصبغة في مكان بارد وخارج متناول الأطفال ، فهي شديدة الفعالية وقد يثير كمية ضئيلة منها ، ردّة فعل عكسية ضارة .
ملاحظة : من الأفضل استعمال خلّ التفاح عوضاً عن الخلّ الأبيض .
– الأقراص : قد نجد مسحوق أو بودرة الأعشاب موضبة داخل كبسولات أو اقراص هلامية ( متوفرة في الصيدليات ) . هذه خير وسيلة لحمل الأعشاب الطبية في حال السفر أو لابتلاع الأعشاب السيئة المذاق ! تأتي الكبسولة بعدّة أحجام في حال اخترتم صناعتها بأنفسكم ،إعمدوا إلى قياس الكمية المناسبة من مسحوق الأعشاب لملاءمة حجم الكبسولة التي تستعملون ، كي لا تتجاوزوا الجرعة الموصى بها . يجب حفظ الأقراص أو الكبسولات بعيداً عن الضوء وعن متناول الأطفال .
– وصفات للإستعمال الخارجي : مراهم ضمادات .. بوسعنا صناعة مراهمنا الخاصة عبر إضافة ملعقة صغيرة أو اثنتين من الصباغ إلى أوقية واحدة من غسول خاص بالبشرة ولصناعة المادات المعالجة للحروق الندبات وغيرها من المشكل الجلدية ، يمكننا غمس قماش نظيف في نقاعة أو خلاصة ( مغلية ) باردة ، من ثم وضعه على الموقع المصاب لمدة 20 دقيقة يمكن تكرار العملية إن دعت الحاجة .
ولجعل الاستحمام أكثر استرخاء نملأ كيساً من القماش ببضع حفنات من الأعشاب العطرية ومن ثم ، ندع تنصب عليه ، للمزيد من التأثير العطري ، يمكننا ترك كيس الأعشاب في مياه المغطس في خلال استحمامنا .
– كيف نتزوّد بالعشاب ؟
ثمة وسائل 3 فقط لا غير !
1- نجمعها أو نقطفها بأنفسنا .
2- نزرعها أو ننميها بأنفسنا .
3- نبتاعها من الصيدلية أو المتجر .
1- إن كنا من هواة النزهات الطويلة في أحضان الطبيعة سيمتعنا لا محالة ! بالطبع ، لن نجد ” كل أنواع الأعشاب العلاجية في منطقتنا ولكننا سنتزود بالعديد منها ، إنما ، قبل الذهاب في إثر الأعشاب ، نحتاج كتيباً أو دليلاً خاصاً بأصناف ومزايا الأعشاب ، من الأفضل أن نختار الكتب المصورة كي لا نخلط بين عشبة وأخرى . موقع طرطوس
من السهل تمييز وقطف بعض الأعشاب كالهندباء البرية ، إنما ثمة أصناف أخرى كالجينسنغ ، يصعب العثور عليها ، يحمل بعض الأعشاب أشواكاً ( التوت الأسود ، توت العُليق الأحمر ، الورد ) والحالة هذه علينا ارتداء قمصان طويلة الأكمام وسراويل طويلة كما التزود بكفين لقطفها .
ثمة اصناف كجذور الأنجيليكا وقشور الكاسكار ، ساغرادا ، قابلة للإستهلاك والأكل متى كانت جافة أو مجففة لكنها تشكل خطراً هاماً متى كانت طازجة .
في بعض الأعشاب المكونات الطبية أو العلاجية نافعة ، لكن الأجزاء الأخرى قد تسبب المتاعب ، يمكن استعمال جذور الربربو أو الرواند الصيني ( Rhubarb ) بكل أمان وسلامة لكل أوراق هذه العشبة سامة للغاية .
بعض الأعشاب السامة يشبه الأعشاب الطبية ، تشبه 3 أصناف من الشوكران السامّ نبتة البقدونس ، لاقى بعض جامعي الأعشاب حتفه إذ خلط ما بين الشوكرات السامّ والبقدونس المعتاد العبرة ؟ حذار من تناول أي بقدونس برّي !
إن قررتم ” اصطياد ” الأعشاب البرية العلاجية ، يجب أن ترتدوا الملابس المناسبة ، تقرؤا في دليل الأعشاب حول النافع والضارّ منها والأهم أن تختاروا دليلاً علمياً جيداً وموثوقاً به والأكثر أهمية ؟؟ لدى وجود أي شك حول هوية ومواصفات أي عشبة ، لا تتناولونها !!
2- ثمة كتيبات خاصة بزراعة وإنماء الأعشاب الطبية . إن قررنا استهلال العملية نحتاج أولاً إلى بذور ، اجزاء جذور أو غصنات من النبات للتطعيم أو الغرس .
قد نواجه صعوبة في الحصول على الغصنات ما لم نكن على معرفة بيستاني الأعشاب إنما لا داعي للقلق ، الغصنة غير الضرورية في معظم الأحوال ، يمكننا الإكتفاء بالبذور فحسب وهي غالباً ما تتوفر في المشاتل ، ما لم نجد الصنف الذي نريد ، يمكننا أن نطلب من المشتل تأمينه لنا ، وأفضل طريقة تبقى في ابتياعنا الفهارس أو القائمات الخاصة بالأعشاب وبذورها .
3- بوسعنا أيضاً اختيار أسهل وأسرع طريقة للحصول على الأعشاب ، ابتياعها فكل المتاجر الكبرى تتضمن حالياً مختلف أصناف الشاي والسوائل المصنوعة من الأعشاب والتي يمكن تحضير نقاعات طبية بواسطة البعض منها .
ومن أجل اختيار أدق وأوسع فلنرتد متاجر الأغذية والأطعمة الصحية ، يحتوي معظمها على عشرات أصناف الأعشاب الخام ، أمزجة الأعشاب الطبية ،الأصبغة الزيوت والأقراص .
بالنهاية ، مهما كانت الطريقة التي اخترنا ، فلنحرص دوماً على التحقق من الأصناف الكمية والمواصفات ونتنبه لأي ضرر أو تأثير جانبي محتمل ، قبل تناول أو استعمال أي عشبة سواء كانت على شكل خلاصة نقاعة ، صباغ ، أو أقراص !